نشرت جريدة لوموند الفرنسية، تقريرا اليوم الأربعاء، عن الصراع المشتعل بين الغرب وموسكو في القارة الأفريقية، الذي يتخذ من الأراضي الليبية موقعا للتوسع العسكري في المنطقة.

وقالت الجريدة إن مساعي روسيا لإنشاء قاعدة بحرية في ليبيا، يشكل تهديدا استراتيجيا للغرب، لافتة إلى أن موسكو بدأت منذ 2017 في بناء شبكة نفوذ بالقارة، امتدت من السودان إلى النيجر، مرورا بليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى ومدغشقر.

وأضافت أن روسيا ذهبت إلى مواجهة الغرب بشكل غير متوقع، خاصة بعد عام من وفاة مؤسس مجموعة «فاغنر»، التي كانت الذراع العسكرية الأساسية لهذا التوسع، لافتة إلى أنه لم يعد هناك شك في أن روسيا بأفريقيا لم تعد مجرد حلم بعيد، حيث تحولت من كيان غير ملموس إلى واقع جيوسياسي بارز، يعيد تشكيل التوازنات بين القوى في جنوب البحر المتوسط.

وأوضحت أن روسيا عملت على دفع استراتيجيتها في أفريقيا، حيث تولت وزارة الدفاع، بدلًا من مجموعة «فاغنر»، إدارة النفوذ الروسي على القارة، وأطلقت على هذه المجموعة اسم «الجيش الأفريقي» بدلا من اسم «فاغنر»، الذي أصبح يقتصر على مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، لافتة إلى أن هذا الاسم، يشبه من حيث الإيحاءات التاريخية، «فيلق أفريقيا» الذي قادته قوات الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية.

وأشارت إلى أنه رغم نجاح «فاغنر» في تنفيذ استراتيجيتها بفضل استقلالها عن البيروقراطية الرسمية، فإن عودة السيطرة المركزية تحت راية «الجيش الأفريقي» قد تطرح تحديات جديدة.

ولفتت إلى أن اهتمام موسكو بأفريقيا مرتبط جزئيا بأزمة أوكرانيا التي بدأت بضم القرم في العام 2014، والتي أدت إلى فرض العقوبات الغربية، وفي ذلك الوقت كانت روسيا تبحث عن مصادر دخل جديدة، مثل استغلال المعادن، ولا سيما الذهب، عبر طرق مالية غير شفافة.

وزيادة على ذلك، أعادت قمة روسيا – أفريقيا تأكيد التزام موسكو بالترويج لـ«عالم متعدد الأقطاب»، على الرغم من تراجع مستوى تمثيل الدول الأفريقية مقارنة بالقمة السابقة بسوتشي في 2019.

وفي المقابل، أظهرت نتائج التصويت في الأمم المتحدة على القرارات المتعلقة بالاعتداء الروسي على أوكرانيا أن غالبية الدول الأفريقية قد ابتعدت عن الغرب، حيث امتنعت 38% من الدول الأفريقية عن التصويت، بينما صوّتت 6% ضد القرارات، و14% لم تشارك في التصويت.

ويعكس هذا التحول تآكل نفوذ الغرب على حلفائه التقليديين، مما يسهل على روسيا توسيع نفوذها، حيث استفادت من نزاعات الشرق الأوسط، مثل الحرب في غزة، في تدعيم موقفها بأفريقيا، كما أن تبني روسيا سياسات موالية للفلسطينيين قد زاد من تأييدها في شمال أفريقيا.

وقدمت دراسة أجراها المعهد البولندي للسياسة الخارجية، تحت عنوان «فيلق أفريقيا.. نسخة جديدة من الوجود العسكري الروسي»، تفسيرات للتطورات الأخيرة في طبيعة الوجود العسكري والاقتصادي والمعلوماتي الروسي في القارة الأفريقية.

وذكرت الدراسة أنه بعد وفاة مؤسس فاغنر يفغيني بريغوجين في أغسطس العام 2023، توقف نشاط المرتزقة الروس في ليبيا، بعد تأثر «فاغنر» بتغيرات الحسابات السياسية الروسية، ثم وقعت مليشيات المواطن الأمريكي خليفة حفتر اتفاقا عسكريا جديدا مع موسكو في سبتمبر العام 2023.

ورجحت مصادر اعتمدت عليها الدراسة أن يشمل الاتفاق تمركز السفن الروسية في ميناء طبرق عبر قاعدة يجري بناؤها حاليا، كما سعى حفتر إلى الحصول على أنظمة دفاع جوي وتدريب للطيارين والقوات الخاصة.

وتسعى روسيا لتوسيع نفوذها العسكري في القارة السمراء، ومنحه شرعية الوجود الرسمي والعلني في مواجهة الحضور الأوروبي والأمريكي، وذلك من خلال تدشين فيلق أفريقيا.

عبر قاعدة بحرية في ليبيا.. لوموند الفرنسية: النفوذ الروسي في إفريقيا يعيد تشكيل توازنات جنوب المتوسط

Shares: