في تطور مثير للقلق على الساحة الليبية، كشف تقرير حديث لوكالة “نوفا” الإيطالية عن وجود نشاط متزايد ومريب على الحدود الليبية-التشادية، مما يثير تساؤلات جدية حول طبيعة العلاقات والاتفاقيات غير المعلنة بين مليشيات المواطن الأمريكي خليفة حفتر والسلطات التشادية.

وتشير المعلومات الواردة إلى وجود شبكة معقدة من الاتفاقيات والتحركات العسكرية التي قد تهدف إلى تعزيز النفوذ وتسهيل عمليات التهريب في المنطقة.

وفقًا للتقرير، تشهد المناطق الحدودية، وخاصة تلك القريبة من مناجم الذهب، اشتباكات عنيفة بين وحدات اللواء 128 التابعة لمليشيات حفتر وجماعات مسلحة تشادية.

هذه المواجهات، التي تبدو ظاهريًا كجزء من جهود مكافحة الجماعات المسلحة، قد تخفي وراءها أهدافًا أكثر تعقيدًا وإثارة للجدل.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن هذه العمليات العسكرية قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز سيطرة قوات حفتر على الحدود مع تشاد والنيجر.

ويأتي هذا في سياق تنفيذ اتفاقيات تجارية وأمنية تم توقيعها مؤخرًا في بنغازي، والتي تثير الكثير من التساؤلات حول طبيعتها وأهدافها الحقيقية.

ومن بين الاتفاقيات المثيرة للجدل، يبرز الحديث عن إحياء اتفاقيات قديمة تتعلق بحماية الحدود المشتركة وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

لكن ما يثير القلق بشكل أكبر هو المزاعم المتعلقة بوجود خطط لإبرام صفقات لبيع الوقود والمشتقات النفطية للنيجر، مع ضمان نقلها من قبل وحدات تابعة لحفتر، مثل اللواء 128 نفسه، والذي يُقال إنه شارك بالفعل في شبكات التهريب نحو النيجر.

الأخطر من ذلك هو ما ورد في التقرير عن وجود مخططات لتهريب الأسلحة إلى ليبيا عبر تشاد، في محاولة واضحة للتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على طرابلس.

الوكالة أكدت أن هذا الأمر، إن صح، يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويهدد بتأجيج الصراع في ليبيا وزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

وفي سياق متصل، يشير التقرير إلى دور محتمل لروسيا في هذه المعادلة المعقدة. فوجود قاعدة أرليت الروسية في شمال النيجر، والتي انسحبت منها القوات الأمريكية مؤخرًا، قد يسهل عمليات النقل والتهريب المزعومة.

هذا التطور يضيف بعدًا جيوسياسيًا خطيرًا للوضع، ويثير مخاوف من تحول المنطقة إلى ساحة صراع بالوكالة بين القوى الكبرى.

ورغم هذه المخططات الطموحة، يبدو أن هناك عقبات تعترض طريق تنفيذها بشكل سريع.

فأنشطة الجماعات المسلحة على الحدود تشكل تحديًا كبيرًا، مما يجبر الأطراف المعنية على التريث في تنفيذ اتفاقياتهم. ومع ذلك، تشير المصادر إلى أن الرغبة القوية التي أبداها الطرفان لإبرام هذه الاتفاقات قد تكون كافية لتسريع العملية برمتها.

وفي ظل هذه التطورات، يتزايد القلق الدولي من التصعيد العسكري في المنطقة.

فقد أصدرت سفارات عدة دول غربية، بما فيها فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن قلقها إزاء التحركات العسكرية الأخيرة في المنطقة الجنوبية الغربية من ليبيا.

كما حذرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من مغبة أي عمل عسكري استفزازي قد يعرض الاستقرار الهش في البلاد للخطر.

وفي سياق متصل، أعلنت قوات غرب ليبيا التابعة لحكومة طرابلس عن رفع جاهزية قواتها ردًا على التحركات القادمة من المنطقة الشرقية.

هذا التصعيد المتبادل يزيد من مخاطر اندلاع مواجهة عسكرية واسعة النطاق قد تقوض جهود السلام والمصالحة في البلاد.

ومما يزيد الوضع تعقيدًا، الإعلان عن حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي، أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا. هذا الإجراء، الذي وصفته حكومة طرابلس بأنه “ابتزاز سياسي” من قبل حفتر، يهدد بتعطيل إنتاج النفط الليبي وقد يكون له تداعيات اقتصادية وسياسية خطيرة.

Shares: