سلط موقع “نورديك مونيتور” والمعني بتغطية الحركات المتطرفة والجماعات المتطرفة الدينية والأيديولوجية والإثنية، الضوء على اتفاق تركيا وليبيا والذي يمنح القوات التركية حريات عملياتية واسعة وحصانة قانونية داخل ليبيا.
مذكرة تفاهم إلى البرلمان التركي
التقرير أكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدم مذكرة تفاهم إلى البرلمان بشأن وضع القوات التركية المتمركزة حاليًا في ليبيا.
وتمنح الاتفاقية، التي تؤكد على تعميق التعاون العسكري بين البلدين، القوات التركية حماية قانونية واسعة ودعمًا لوجستيًا أثناء عملها على الأراضي الليبية.
وتستند مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في الأول من مارس في أنطاليا إلى تفاهمات سابقة، بما في ذلك مذكرة التعاون في مجال التدريب العسكري الموقعة في عام 2012 ومذكرة التعاون الأمني والعسكري الموقعة في عام 2019.
وستدعم تركيا إعادة هيكلة وتدريب القوات المسلحة وقوات الأمن الليبية. وتستجيب هذه المبادرة بشكل مباشر لطلب ليبيا للمساعدة، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد.
الحصانة القانونية الواسعة للقوات التركية في ليبيا
وأوضح التقرير أن من أبرز جوانب مذكرة التفاهم الحصانة القانونية الواسعة التي توفرها للقوات التركية العاملة في ليبيا. فوفقًا للمادة 11، فإن أي جرائم يرتكبها أفراد عسكريون أتراك أثناء أداء واجباتهم الرسمية أو في نطاق مسؤولياتهم ستخضع للقانون التركي حصريًا.
وهذا يعني أن الأفراد الأتراك محميون فعليًا من النظام القانوني الليبي في الأمور المتعلقة بواجباتهم الرسمية، مما يعزز السلطة القضائية التركية على قواتها في الخارج. ومع ذلك، فإن الجرائم المرتكبة خارج نطاق الواجبات الرسمية ستخضع للولاية القضائية الليبية، مع أحكام خاصة تضمن أن أي أحكام تتماشى مع الأطر القانونية لكلا البلدين.
كما يمنح الاتفاق القوات التركية حريات عملياتية كبيرة في ليبيا. حيث تسمح المادة 12 للأفراد الأتراك بحمل الأسلحة الشخصية والعسكرية وارتداء زيهم الرسمي أثناء تأدية واجبهم، مما يعكس مستوى عالٍ من الاستقلالية في عملياتهم.
الوصول غير المقيد إلى المجال الجوي والمياه الإقليمية الليبية
وعلاوة على ذلك، توفر المادة 7 للقوات التركية إمكانية الوصول غير المقيد إلى المجال الجوي والمياه الإقليمية الليبية، مما يعفيها من الاستيلاء أو أي اتهامات محلية، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الحرية العملياتية الممنوحة للقوات التركية.
كما تسهل مذكرة التفاهم الكفاءة اللوجستية والعملياتية من خلال السماح للقوات التركية بإنشاء وإدارة أنظمة الاتصالات الخاصة بها، على النحو المفصل في المادة 9.
وتسمح هذه المادة بتثبيت أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية، مما يضمن التنسيق السلس بين الوحدات التركية ومراكز القيادة في تركيا. بالإضافة إلى ذلك، يُسمح للقوات التركية بإنشاء مكاتب بريد وفروع بنوك ومرافق ترفيهية داخل المناطق المخصصة لها، على النحو المبين في المادة 16.
دعم لوجستي واسع النطاق للقوات التركية
والتزمت الحكومة الليبية بتقديم دعم لوجستي واسع النطاق للقوات التركية، وهو أحد أهم بنود مذكرة التفاهم. وتلزم المادة التاسعة ليبيا بتغطية تكاليف الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي والإنترنت في المرافق التي تستخدمها القوات التركية، وكل ذلك مجانًا.
وعلاوة على ذلك، تنص المادة السابعة على توفير الوقود وغيره من المتطلبات اللوجستية للمركبات التركية، سواء على البر أو البحر أو الجو، دون أي تكلفة على تركيا.
وبالإضافة إلى الدعم اللوجستي، تقدم مذكرة التفاهم إعفاءات مالية كبيرة للقوات التركية.
وتعفي المادة 14 جميع الواردات والصادرات المتعلقة بأنشطة الجيش التركي من أي ضرائب أو رسوم أو واجبات ليبية.
ويضمن هذا البند أن تتمكن تركيا من إمداد قواتها دون الأعباء المالية المرتبطة عادة بالانتشار الدولي.
الماديات تتحملها ليبيا
وعلاوة على ذلك، تنص المادة 8 على أن تكاليف العقود والمشتريات التي تقوم بها القوات التركية في ليبيا، سواء محليًا أو من الخارج، ستغطيها الحكومة الليبية، بعد التشاور مع السلطات الليبية.
ومن المقرر أن تظل مذكرة التفاهم سارية المفعول لمدة ثلاث سنوات، مع إمكانية التجديد التلقائي لمدة عام واحد ما لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته إنهاء الاتفاقية.
وترافقت العلاقات الوثيقة بين تركيا وحكومة الدبيبة مع تزايد الوجود العسكري التركي في البلاد على مر السنين.
وفي نهاية عام 2023، وافق البرلمان التركي على اقتراح رئاسي بتمديد مهمة الجيش التركي في ليبيا لمدة 24 شهرًا.
وزعم أردوغان على أهمية وجود البحرية التركية في المنطقة، وقال إن هدف الحكومة هو ضمان الأمن القومي ضد التهديدات المحتملة، بما في ذلك الهجرة الجماعية والإرهاب، من خلال القرار الذي تمت الموافقة عليه.
تسليح وتدريب ودعم الفصائل المتحالفة مع حكومة أردوغان في ليبيا
بدعم مالي من قطر، انخرطت تركيا بشكل نشط في تسليح وتدريب ودعم الفصائل المتحالفة مع حكومة أردوغان في ليبيا منذ عام 2011.
لقد ذهبت تركيا إلى حد إرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا كمرتزقة، ووفرت لهم رواتب شهرية ووعدت بمنح الجنسية التركية للمقاتلين وعائلاتهم.
وقد تم تنفيذ عملية فحص واختيار هؤلاء المقاتلين من قبل وكالة الاستخبارات التركية، التي تعاونت مع الجماعات الجهادية في سوريا منذ عام 2011 بهدف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ولعبت تركيا دورًا حاسمًا في النجاح العسكري لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة ضد المعارضة المتمردة بقيادة المواطن الأمريكي خليفة حفتر، حيث زودت تركيا ليبيا بالأسلحة والذخيرة والطائرات بدون طيار ونظمت المرتزقة والجهاديين السوريين لمحاربة حفتر. بالإضافة إلى ذلك، في 2 يناير 2020، أذن البرلمان التركي للحكومة بنشر قوات عسكرية في ليبيا بعد اتفاق تعاون أمني.
توقفت محاولة حفتر للاستيلاء على طرابلس فجأة بعد تدخل تركيا بتزويدها بطائرات بدون طيار متعددة الأغراض من طراز Bayraktar TB2، التي تصنعها شركة Baykar Makina التركية، بقيادة صهر أردوغان، سلجوق بايراكتار.
وبعيدًا عن الدعم الأيديولوجي، أقر أردوغان علنًا بالأهمية الاستراتيجية لموارد النفط والغاز الليبية بالنسبة لتركيا.
تاريخ تركيا في ليبيا
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الليبي السابق فايز السراج في أنقرة في 4 يونيو 2020، كشف أردوغان عن خطط لتوسيع التعاون، بما في ذلك عمليات الاستكشاف والحفر، لتسخير الموارد الطبيعية في الأراضي الليبية.
في نوفمبر 2020، وقعت تركيا وحكومة الوفاق الوطني اتفاقية تعاون عسكري واتفاقية ترسيم الحدود البحرية. وفي حين تحدد الاتفاقية البحرية، التي لم تعترف بها أي دولة أخرى في البحر الأبيض المتوسط، الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة بين تركيا وليبيا، فإن الاتفاقية الأمنية تمكن الحكومة التركية من نشر قواتها في ليبيا.
وفي 24 مايو 2022، قدم مجلس الأمن الدولي تقريرا مفصلا عن نتائج تحقيقات محققي الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الحكومة التركية استمرت في انتهاك عقوبات الأمم المتحدة بإرسال معدات وتوفير التدريب لفصائل مختلفة في ليبيا.
وخلص تقييم الأمم المتحدة إلى أن جزءاً كبيراً من التدريب العسكري الذي تقدمه تركيا يقع ضمن نظام العقوبات، وبالتالي يتعارض مع قرار الأمم المتحدة رقم 1970 (2011).
وأوضح التقرير أن الإعفاء المحتمل الوحيد ينطبق على أنواع معينة من التدريب، مثل التخلص من الذخائر، والتي يمكن تصنيفها على أنها تدريب إنساني. ومع ذلك، حظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صراحة التدريب على القتال والقوات الخاصة والقناصة.