عرقلت اشتباكات مسلحة طارئة إعادة افتتاح معبر رأس جدير المغلق منذ 3 أشهر، مما تسبب في تعطيل الحركة التجارية في هذه النقطة الحدودية التي تعدّ «شريان حياة» للمناطق المتاخمة لها من تونس وليبيا.
اشتباكات مسلحة بمنطقة زوارة
واندلعت الاشتباكات، وفقاً لشهود عيان، في منطقة زوارة مساء الأربعاء الماضي بين ما يسمى بـ«الكتيبة 55» برئاسة الميليشياوي معمر الضاوي، التابعة لرئاسة الأركان بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وقوة عسكرية تتبع غرفة عمليات زوارة، ما تسبب في تصاعد الاستنفار الأمني بالطريق الساحلية المؤدية للمعبر.
ووفقاً لاتفاق سابق بين عبد الحميد الدبيبة ورضوخه لمجلس الأعيان والحكماء ببلدية زوارة، على إعادة فتح المعبر، ذهبت قوة مشتركة تضم اللواءين «55» و«111» للمشاركة في إعادة افتتاح المعبر إلا أنّ اشتباكات وقعت إثر إطلاق نار.
إفشال محاولات تشغيل المعبر
وفيما التزمت حكومة الدبيبة الصمت تباينت روايات شهود العيان لـ”الشرق الأوسط” حول الواقعة، وقالوا إن أفراداً من القوة المشتركة أطلقوا النار بعد السماح لهم بدخول الحدود الإدارية لزوارة مما تسبب في توتر الأوضاع، لكن هناك من يقول بعكس ذلك، مشيرين إلى أن مسلحين تابعين لـ«غرفة العمليات العسكرية» بزوارة، هم من بادروا بإطلاق الرصاص مما تسبب في إفشال محاولات تشغيل المعبر.
وسعت حكومة الدبيبة غير مرة إلى إزاحة قوة تتبع «المجلس العسكري» لزوارة تتولى إدارة المعبر، وسط رفض المكون الأمازيغي الذي يقطن زوارة ومدناً أخرى بالجنوب لهذا الإجراء، ما تسبب في إغلاق المعبر منذ مارس الماضي.
وكان يفترض إعادة افتتاح المعبر منتصف الأسبوع الماضي، لكن مسلحين من مدن الأمازيغ، أغلقوا الطريق الساحلية المؤدية إلى المعبر بالسواتر الترابية، قبل ساعات فقط من الموعد الذي أعلنته الحكومة لإعادة تشغيله رسمياً؛ للضغط على الدبيبة، لتحسين الخدمات والوضع المعيشي في مناطقهم.
وللتغلب على الأزمة التقى الدبيبة الثلاثاء الماضي، في مكتبه، وفداً من أعضاء مجلس الأعيان والحكماء ببلدية زوارة، لبحث مطالبهم، وناقش معهم قضايا خدمية، وأوضاع المعبر على اعتبار زوارة من البلديات الحدودية. كما وجه الشركة العامة للكهرباء، بتوفير المحولات اللازمة لاستقرار الشبكة العامة ببلديات الساحل الغربي.
دائرة الصراع بين سلطات طرابلس و«أمازيغ زوارة»
ودخل معبر «رأس جدير» مثل غيره من المنافذ الحدودية، دائرة الصراع بين سلطات طرابلس و«أمازيغ زوارة»، ما يتسبب في تعطيله وإغلاقه أمام حركة التجارة.
وعقب أحداث 11 فبراير، تقدّمت مدينة زوارة الصفوف واستولت قوّاتها على «رأس جدير»، وضمّت رسمياً المعبر الحدودي إلى المنطقة الإدارية، الواقعة تحت سيطرة بلديتها، لتتحول الأخيرة فيما بعد إلى مركز قوة حقيقي، على الرغم من أنها بقيت اسماً تحت سلطة الحكومات التي اتخذت من طرابلس مقراً لها، وفق محللين ليبيين.
بدوره، أكد الناطق باسم وزارة داخلية الدبيبة، عبد المنعم العربي، أن معبر رأس أجدير سيعاد افتتاحه غداً الاثنين، وذلك وفقاً لما صرح به لقناة “ليبيا الأحرار”.
ويبعد المعبر نحو 60 كيلومتراً عن مدينة زوارة بغرب ليبيا و175 كيلومتراً عن طرابلس العاصمة، بينما يبعد قرابة 32 كيلومتراً عن مدينة بنقردان التونسية، ويمر عبره جزء كبير من التجارة عبر الحدود، بما في ذلك التهريب.
وفي سياق متصل، قال رئيس منظمة المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين الليبيين بمدنين منير قزم، إن المناطق والمحافظات المحاذية لمعبر رأس اجدير أصبحت تواجه ركودا تجاريا يؤثر في نحو 50 ألفا من التجار وأفراد عائلاتهم، الذين أصبحوا عاطلين عن العمل.
المعبر بمثابة القلب النابض للاقتصاد
وأضاف قزم في تصريحات نقلها “أصوات مغاربية” أن المعبر بمثابة القلب النابض للاقتصاد في منطقة الجنوب الشرقي ومحرك الاستثمار في المحافظات المجاورة التي تتجاوز فيها نسبة البطالة 20% (15.8% المعدل العام خلال 2023).
وأوضح أن سياحة الجوار تواجه ركودا وشللا مميتا بعد أن كان جزءا مهما من الليبيين القادمين للسياحة يتوجهون إلى جزيرة جربة مع حلول فصل الصيف.
وتناولت وكالة فرانس برس، في تقرير لها، أزمة إغلاق معبر رأس اجدير الحدودي بين ليبيا وتونس، التي تسببت في توقّف نشاط غالبية المحلاّت على الطريق المؤدية للمنفذ، ما يهدّد مورد رزق آلاف التجار في المنطقة.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن عبد الله الشنيتر أحد التجار الذين كسدت تجارتهم في منطقة بن قردان التي تبعد نحو 32 كلم عن البوابة الحدودية، قوله: المعبر مصدر رزقنا الوحيد لأن الدولة تركتنا، مضيفا: كل المحلاّت والدكاكين مغلقة، يجب أن تجد الدولة حلولا.
ووفقا للتقرير، أكد تاجر الخضار لزهر كذوب، أن تداعيات تراجع النشاط الاقتصادي أثّرت على القدرة الشرائية لعملائه؛ فالتجار الذين كانوا ينفقون ما بين 20 و30 دينارا لشراء الخضار، وأصبحوا ينفقون خمسة دنانير فقط، مضيفا: نعيش على الأوهام، كل يوم يعلنون أنهم سيفتحون المعبر، ولكن ذلك لم يحصل.
وتحتلّ ليبيا المرتبة الأولى بين الدول العربية والإفريقية في التبادل التجاري مع تونس الذي بلغت قيمته بين البلدين 2,7 مليار دينار أي حوالي 850 مليون دولار، خلال العام 2023، وفقا لإحصاءات رسمية.