تحصلت ليبيا على المركز 170 من أصل 180 دولة مدرجة في مؤشر مدركات الفساد الدولي، نشرته منظمة الشفافية الدولية.
وذكر موقع ميدل إيست مونيتور، إن احتلال ليبيا المركز 170 في قائمة تضم 180 دولة شملها استطلاع مؤشر الفساد الدولي يكفي لكشف حجم الفساد والفوضى المنتشرة في ليبيا.
ووصف مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة ذات مرة الصراع في ليبيا بأنه يدور حول الثروة فقط وله جذور اقتصادية مما يعني أن المظاهر السياسية للصراع في البلاد لا تؤدي إلا إلى إخفاء حقيقة أن الأمر كله يدور حول المال.
وأضاف سلامة أن النظام برمته يقوم على “الفساد ونهب” ثروات البلاد من قبل النخبة السياسية دون استثناء، وتابع: “قد رأيت بأم عيني تهريب الوقود إلى تونس، أرى مليونيرا جديدا في ليبيا كل يوم، كما أن ليبيا لديها النفط والغاز مثل الكويت ولكن الليبيين يعيشون مثل الصوماليين”.
وأوضح الموقع أن تهريب النفط يعد أحد عوامل تمكين الفساد الرئيسية في البلاد رغم كونها أحد أكبر منتجي النفط إلا أن ليبيا تفتقر إلى القدرة الكافية لتكرير النفط لإنتاج ما يكفي من المنتجات النفطية لتلبية احتياجات السوق المحلية، وهذا الوضع غير المستقر يجبر الحكومة على إنفاق مليارات العملة الصعبة على استيراد مثل هذه المنتجات بما في ذلك البنزين والديزل.
وتشير أحدث الأرقام إلى أن البلاد في عام 2022، استوردت ما قيمته 5.27 مليار دولار من المنتجات البترولية، وتم بعد ذلك بيع معظم هذه المنتجات في السوق المحلية بأسعار مدعومة للغاية مما يسهل تهريبها إلى البلدان المجاورة مثل تونس.
وأوضحت بعض التقديرات أن ما يقرب من 40% من الوقود المستورد المدعوم يتم تهريبه إلى تونس وحتى بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا، حيث يبلغ سعر لتر البنزين حوالي 2.10 دولار مقارنة بليبيا وفي تونس حيث يذهب معظم الوقود المهرب يصل السعر إلى 0.21 دولار ويعتبر البنزين تجارة مربحة للغاية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات كل عام.
ورغم السنوات الطويلة من عدم الاستقرار والحروب الصغيرة بين الحين والآخر هنا وهناك فإن تكلفة المعيشة في ليبيا لا تزال أرخص بنحو 25% من تونس رغم أن تونس أكثر استقرارا ولم تخض حربا قط في نفس الفترة، وهذا يجعل التهريب بمثابة شريان حياة للعديد من التونسيين بينما يثري القليل من الليبيين.
وقال الموقع إن الفساد العام والهدر ليس بالأمر الجديد في ليبيا بل كان سمة ثابتة لاقتصادها منذ حصولها على الاستقلال قبل عقود في ظل القيادة السابقة للعقيد الراحل القذافي كان الفساد والهدر العام محدودي النطاق وكانت هناك مساءلة بين الحين والآخر للمسؤولين الذين ثبت تورطهم في كليهما.
وأضاف أن الكثير من الليبيين يشاركون في سرقة بلادهم كلما سنحت لهم الفرصة، وفي الواقع يبدو أن عامة الناس في البلاد غير مبالين بمرض الفساد رغم التقارير المالية اللاذعة التي نشرها ديوان المحاسبة في البلاد، والذي يشرف على الإنفاق الحكومي في جميع أنحاء ليبيا فتقرير العام الماضي على سبيل المثال اتهم جميع الإدارات الحكومية تقريباً بما في ذلك البرلمان بإسراف الإنفاق والفساد.
وبحسب الموقع فإن المدعي العام الصديق السور كان منشغلاً بالتحقيق في الفساد الحكومي في جميع أنحاء البلاد لكن عمله حتى الآن فشل في ردع المزيد من الفساد، خاصة في الحكومة التي تعتبر الأكثر خطورة للفساد في تاريخ ليبيا ويعتقد العديد من الليبيين والأمم المتحدة أن عبد الحميد دبيبة دفع ثمن الأصوات للحصول على المنصب الأعلى في عام 2021 .
وأوضح أن أحد الآثار الضارة والمدمرة للفساد هو فقدان الثقة بين الشعب وحكومته ومؤسساته وعندما يصبح الفساد مقبولا في أعلى الدوائر الحكومية كيف يمكن إلقاء اللوم على شخص صغير في مجلس بلدي غامض لسرقة بضعة آلاف.
وفي ذات السياق سلط تقرير لموقع «الشرق الأوسط» الضوء على تزايد وتيرة الفساد في ليبيا، رغم الإعلانات المتكررة للنائب العام الصديق الصور عن ضبط واعتقال مسئولين بتهم فساد، إلا أن فعالية هذه الإجراءات ما زالت محل تساؤل لدى الكثير من الليبيين.
وفي هذا السياق، صرح فتحي عمر الشبلي، رئيس حزب “صوت الشعب” الليبي، بأن بلاده وصلت إلى مرحلة “أصبح فيها الاستيلاء على المال العام ثقافة”، مشيراً إلى صعوبة محاسبة ما وصفهم بـ”كبار اللصوص” في ظل دولة “غير مستقلة ومنقوصة السيادة”.
ويطول الفساد في ليبيا جميع مؤسسات الدولة بشكل كبير، وهي تقع ضمن تصنيفات متقدمة في مؤشرات تفشي الفساد المالي والإداري على مستوى العالم، رغم الضربات التي يتلقاها لصوص المال العام.
يأتي ذلك في ظل أحاديث الليبيين، التي لا تنقطع عن مافيا تهريب الوقود المدعم إلى خارج البلاد، وبيعه وسط البحر للسفن المارة.