يسعى الليبيون نحو النهوض بقطاع الوقود الأحفوري عبر الاستثمار الأمثل للموارد بعد سنوات من الارتباك في إدارة هذه الصناعة المهمة، وهو ما من شأنه تعظيم العوائد ومن ثم ضخها في دروب الاقتصاد المتعطش للنمو رغم التحديات التمويلية، وتلك المتعلقة بالأمن والاستقرار.
وذكرت صحيفة العرب أن السلطات الليبية أعلنت الثلاثاء الماضي، أن مؤسسة النفط الحكومية تعتزم حفر عشرات الآبار لاستكشاف النفط والغاز هذا العام، ضمن خططها لزيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا.
ويرى محللون أن تحقيق البلد لأهدافه واستعادة القطاع لزخمه سيتطلبان المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة جميع الظروف، خاصة في ما يتعلق بمناخ الأعمال.
وقالت الصحيفة إن صناعة النفط تواجه تحديات كثيرة يتعلق جزء منها بتوفير التمويلات اللازمة بعدما دخلت خلال سنوات الحرب في متاهة المشاكل والابتزاز، ما جعلها تتخبط في أزمات لا حصر لها.
وقالت المؤسسة في بيان إنها تواصل خلال 2024 سلسلة من العمليات المهمة في القطاع، وإنها تعكف على خطة لحفر 121 بئرا جديدة لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية.
كما تجري صيانة لنحو 1335 بئرا أخرى لضمان استدامة إنتاج النفط حسب البيان، ولم تذكر المؤسسة أماكن الآبار التي تعتزم حفرها أو التكاليف التقديرية.
ويأتي إعلان المؤسسة بعد يومين على تأكيد رئيسها فرحات بن قدارة عزم المؤسسة زيادة الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا بنهاية العام القادم على أن تكون الزيادة تدريجية.
وقال بن قدارة، خلال اجتماع مع عبدالحميد الدبيبة، إن المؤسسة تعمل مع وزارة النفط والغاز على عودة الشركات العالمية في مجال النفط للعمل في ليبيا، والمساهمة في المشاريع والخطط المعتمدة لزيادة الإنتاج.
ويحتاج تطوير القطاع إلى استثمارات كبيرة، وبما أن البلد يمر بأزمة نتيجة سوء إدارة الموارد المالية والانقسامات الحاصلة في تسيير الدولة، فإن ليبيا تراهن على جذب الشركات الأجنبية للمشاركة في تنمية صناعة النفط والغاز.
ويعتبر قطاع الوقود الأحفوري المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا، غير أن القطاع عانى خلال السنوات الماضية جراء تعرض الحقول والموانئ النفطية إلى هجمات مسلحة، إضافة إلى إغلاقها أكثر من مرة من قبل محتجين.
وعلى مدار سنوات، شهدت البلاد صراعات سياسية ونزاعات مسلحة واحتجاجات مطالبية أوقفت العمل لفترات متفاوتة في حقول وموانئ تصدير النفط.
وعملت شركات طاقة أمريكية في ليبيا، وقد استحوذت على حصص في حقول النفط في الماضي، من بينها هاليبرتون وأوكسيدنتال بتروليوم كورب وكونوكو فيليبس وماراثون أويل كورب، ولكن بعضها باع أصولا بعد الحرب.
ولدى تلك الشركات استثمارات متنوعة في مناطق تحتوي على خامات ذات جودة عالية وذلك في الشرق والمنطقة الوسطى والجنوب الغربي والشرقي، وهي تتمتع بحضور قوي رغم منافسة شديدة من شركات أوروبية وآسيوية.
ويبلغ إنتاج ليبيا حاليا نحو 1.25 مليون برميل نفط يوميا، وكان الإنتاج يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب، والتي نالت من هذه الصناعة، وأدت إلى هبوط الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا في فترة من الفترات.
وتعاني شبكة أنابيب النفط من مشاكل فنية مرتبطة بتقادم الخطوط، إلى جانب تعرض جزء منها لعمليات تخريب من جانب جماعات مسلحة خلال النزاع العسكري.
ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96 في المئة من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98 في المئة من إيرادات خزينة الدولة.
وتمكنت ليبيا من تحقيق إيرادات نفطية أقل بنهاية 2023 في ظل تراجع الأسعار والاضطرابات التي شهدها القطاع سواء تعلقت بشلل الإنتاج أو تلك المتعلقة بالتصدير إلى الأسواق العالمية بسبب الخلافات وإغلاق الحقول.
وأظهرت بيانات نشرها البنك المركزي في يناير الماضي أن إيرادات البلاد من مبيعات النفط بلغت 20.7 مليار دولار خلال العام الماضي.
ويقل هذا المبلغ عن 22.1 مليار دولار تم تسجيلها في 2022، الذي شهد ارتفاعات هي الأعلى على الأسعار منذ 2008، عند متوسط 98 دولارا للبرميل، مقارنة مع 81 دولارا في 2023.
وكانت الإيرادات التي حققها البلد العضو في منظمة أوبك، ويتمتع بإعفاء تخفيضات الإنتاج ضمن تحالف أوبك+ في العام 2022 هي الأعلى في ست سنوات.
وفي ذات السياق، ذكر موقع أفريكا إنتلجنيس الاستخباراتي الفرنسي، اليوم الأربعاء، أن وارسو تتطلع إلى إبرام صفقات نفطية مع ليبيا.
وأكد الموقع الفرنسي أن شركة “Orlen Group-PGNIG” البولندية سوف تقوم بالتنقيب عن النفط في ليبيا، وتحاول وضع نفسها في موقع عقود مع مؤسسة النفط.