تشهد أسعار الأضاحي في ليبيا ارتفاعا حادا، نتيجة عدة أسباب أبرزها الإعصار “دانيال” الذي ضرب مدينة درنة وتسبب في خسارة جزء كبير من الثروة الحيوانية شرق البلاد في سبتمبر 2023.
وتأثرت الأسعار بصورة عامة نتيجة نفوق أعداد كبيرة من الأغنام والأبقار وغيرها من الحيوانات التي يربيها السكان عادة لتكون مصدر رزق لهم، علاوة على تضاعف أسعار الأضاحي المستوردة من إسبانيا وأوكرانيا التي كانت في الماضي تشهد إقبالاً من أصحاب الدخل المحدود، حيث وصل سعرها هذا العام إلى 950 ديناراً (196.64 دولار)، مقابل نحو 500 دينار ليبي (103 دولارات) في السابق.
وبينما تسعى حكومة البرلمان في الشرق إلى تخفيف العبء عن المواطنين باستيراد أضاح من الخارج فضلا عن محاولة ضبط الأسعار إلا أن مساعيها لم تفلح.
ويقع في بنغازي، وهي ثاني أكبر مدينة ليبية، مقر مجلس النواب وحكومة أسامة حماد، وانتخب مجلس النواب عام 2014 عندما انقسمت ليبيا في أعقاب حرب أهلية بين إدارتين متنافستين شرق البلاد وغربها.
وقال الموظف أحمد عبدالحميد (57 سنة) وهو أب لستة أبناء لـ”رويترز”، “الأسعار جنونية، ليس معقولاً أن يصل سعر الأضحية إلى 2000 و3700 دينار (413.98 و765.87 دولار)، وللأسف راتبي لا يغطي هذه القيمة، ولدي التزامات أخرى من أقساط أبنائي في المدرسة”، وتحسر الموظف على حاله قائلاً “الحياة أصبحت صعبة نحن، الليبيين، ضعنا نعم ضعنا”.
وبينما استسلم البعض لفكرة التخلي عن شراء الأضاحي هذا العام، يصر آخرون على إتباع هذه السُنة والعمل بهذه الشعيرة الإسلامية رغم ارتفاع الأسعار مثل عبدالسلام محمد (46 سنة) وهو سائق سيارة أجرة ولديه أربعة أبناء.
وقال محمد وهو يقف في سوق للأضاحي داخل حي الكيش في بنغازي، “بصراحة جئت وأعرف الأسعار ولكن مثل كل عام سأشتري الأضحية المستوردة مع العلم أن هذا العام أسعارها مرتفعة عن الأعوام الماضية، كانت 500 و600 دينار (103.50 و124.19 دولار) الآن أصبحت 950 دينارا (196.64 دولار)”.
وعبر عن مخاوفه لعدم تمكنه من شراء الأضاحي في المستقبل، وقال “أنا ليس لدي راتب، أخاف أن يأتي يوم أشتري في عيد الأضحى من القصاب كيلو أو اثنين من أجل أبنائي”.
ويرجع تاجر الأغنام الليبي طارق المغربي، الأزمة الحالية إلى ارتفاع سعر العلف وعدم الحفاظ على الثروة الحيوانية المحلية، ويوضح قائلاً “السعر مرتفع نعم ولكن ماذا نفعل؟ الدولة لا تدعمنا وسعر الأعلاف مرتفع وأسعار هذا العام مرتفعة بصورة كبيرة”.
وأضاف: “الثروة الحيوانية في ليبيا هربت لدول الجوار، لا توجد لدينا دولة تهتم بهذه الثروة، ولا يتكلمون عن الأغنام إلا عندما يأتي العيد”، وهذا ما أكده نقيب القصابين في بنغازي فوزي العقوري، قائلا: “من أسباب ارتفاع الأسعار بيع الأضاحي خارج البلاد وتهريبها، منذ عام 2011 إلى وقتنا الحالي هربت نصف الثروة الحيوانية إلى تونس ومصر، فضلا عن نقص الأدوية البيطرية وكذلك الحمى القلاعية أخذت شوطا كبيرا في الأغنام”.
وأشار العقوري إلى تأثير الإعصار “دانيال” في مناطق الثروة الحيوانية في الشرق مثل المرج وتاكنس، إضافة إلى ارتفاع الدولار اللازم لشراء الأعلاف واستيراد الماشية، لافتا إلى أن الليبيين يستهلكون كل عيد ما يقارب 1.2 مليون أضحية.
وبحسب العقوري، كانت ليبيا تأتي ثالثاً على مستوى أفريقيا من حيث حجم الثروة الحيوانية لكنها الآن تراجعت إلى المركز الثامن.
وتشهد أسعار الأضاحي في ليبيا ارتفاعا بشكل غير مسبوق، ما أصاب الأسر الليبية التي تستعد للاحتفال بعيد الأضحى، بحالة من التذمر.
ورغم توسع إنشاء الحظائر المؤقتة لبيع المواشي في الشوارع والساحات، إلا أن عملية البيع تشهد ركودا؛ بسبب ارتفاع الأسعار والتي أدت إلى غياب المشترين لأسباب عديدة منها بطء عملية تنزيل المرتبات في حسابات مستفيديها.
وبلغ سعر الخراف الصغيرة في حدود 2200 إلى 2500 دينار، فيما بلغ أسعار الخراف الكبيرة بين 3000 إلى 4000 دينار، ما أثار استغراب الكثير من المواطنين، لا سيما مع ارتفاع أسعار المواشي المستوردة، حيث يبلغ سعر الخروف الأسباني 1800 دينار والخروف الروماني 1600 دينار.
ونقل موقع بكم الاقتصادي، عن مصدر مسؤول بوزارة الزراعة والثروة الحيوانية قوله إن الوزارة لم تتخذ أي إجراءات لتوريد الأضاحي لعدم جدية الحكومة في تنفيذ مثل هذه المبادرات.
كما نقل الموقع أيضا عن الخبير بمركز البحوث الزراعية والحيوانية الشارف امحمد، قوله إن ارتفاع أسعار الأضاحي يعود إلى جملة من المؤشرات منها، موجة الجفاف التي ضربت البلاد خلال الثلاثة سنوات الأخيرة.