قالت صحيفة العرب إن الحكم الصادر عن محكمة استئناف بنغازي، يوم الثلاثاء 9 ديسمبر الجاري، أعاد خلط الأوراق في المشهد السياسي الليبي، بعدما قضى بإلغاء قراري المجلس الرئاسي رقم (18) و(26) لسنة 2024، القاضيين بإنشاء مفوضية للاستفتاء والاستعلام وتشكيل مجلس إدارتها.
وأضافت الصحيفة اللندنية أن الحكم لم يُنظر إليه بوصفه إجراءً قضائيًا تقنيًا فحسب، بل اعتُبر تطورًا سياسيًا لافتًا استهدف إحدى المؤسسات المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، والتي يُفترض أنها تمثل السلطة التنفيذية العليا في البلاد، ما فتح الباب أمام تساؤلات جديدة بشأن تداعياته على الصراع القائم بين المؤسسات المتنازعة على الشرعية.
وأوضحت أن مراقبين يرون أن الحكم يعكس أبعادًا قانونية وسياسية متشابكة، أبرزها الطعن المقدم من رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، بشأن قانونية إنشاء هيئات موازية دون سند تشريعي واضح، إضافة إلى كونه تجسيدًا للصراع المستمر بين شرعية مجلس النواب وشرعية المجلس الرئاسي المنبثق عن المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة.
الصحيفة لفتت إلى أن صدور الحكم من محكمة في شرق البلاد، حيث يتمركز نفوذ مجلس النواب وحكومته المكلفة، عزز من المخاوف المتعلقة بتسييس القضاء وتكريس الانقسام الجغرافي والمؤسسي، في ظل احتمالات صدور أحكام مغايرة من محاكم في غرب البلاد، ما يكرس ازدواجية المرجعيات القضائية.
وحذر محللون من أن إلغاء قرارات المجلس الرئاسي قد يؤدي إلى إضعاف نفوذه مقابل تعزيز موقع مجلس النواب وحكومته، الأمر الذي يعمّق حالة الإدارة الموازية ويعقّد جهود توحيد المؤسسات، إلى جانب ما قد يسببه من ارتباك في ملف الانتخابات، خاصة فيما يتعلق بالجهة المخولة بالإشراف على أي استحقاق انتخابي أو استفتائي مستقبلي.
ويرى متابعون أن هذا التطور القضائي يضيف عقبة جديدة أمام مسار الانتخابات، ويعزز حالة انعدام الثقة بين الأطراف الليبية، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن الصراع يتمحور حول السيطرة على المؤسسات والعملية الانتخابية، أكثر من السعي الجاد نحو إنهاء المراحل الانتقالية.
ويخلص مراقبون إلى أن الحكم يمثل حلقة جديدة في سلسلة الصراع على الشرعية في ليبيا، حيث ما تزال الأدوات القانونية والقضائية تُستخدم كجزء من المواجهة السياسية، بينما يظل المواطن الليبي الخاسر الأكبر في ظل استمرار تعثر بناء الدولة وتأجيل الاستحقاقات الديمقراطية.


