علقت وكالة “سبوتنيك” الروسية على حالة الجمود السياسي والانقسام المؤسسي الذي تشهده ليبيا ، وسط الحديث عن تعديل وزاري مرتقب في حكومة عبد الحميد الدبيبة.
الوكالة قالت إن الخطوة تثير تساؤلات واسعة بشأن دوافعها الحقيقية وتوقيتها، وما إذا كانت تستهدف معالجة إخفاقات قائمة أم إعادة ترتيب المشهد السياسي.
وفي هذا السياق، قال المحلل والأكاديمي، إلياس الباروني، إن التعديل الوزاري، في مشهد سياسي انتقالي يتسم بالهشاشة وغياب اليقين، لا يمكن اعتباره إجراءً إداريًا معزولًا، بل خطوة سياسية بامتياز تعكس اختلالات عميقة في بنية الحكم، وتكشف عن محاولات مستمرة لإدارة الأزمة بدلًا من معالجتها.
وأوضح الباروني، في تصريحات لـ«سبوتنيك»، أن التعديل بات أداة لإعادة ترتيب موازين القوى داخل السلطة التنفيذية أكثر من كونه مدخلًا لإصلاح فعلي في السياسات العامة، مشيرًا إلى أن توقيته يحمل دلالات سياسية واضحة، إذ يأتي في ظل ضغوط داخلية متزايدة وحسابات خارجية دقيقة.
وأضاف أن الحكومة تواجه داخليًا تراجعًا في رصيدها الشعبي نتيجة الإخفاق في إدارة ملفات خدمية ومعيشية حساسة، وتنامي حالة السخط العام، إلى جانب تصاعد انتقادات قوى سياسية ترى في استمرار الوضع القائم تهديدًا لمصالحها أو لمواقعها.
كما لفت إلى أن التعديل يرتبط خارجيًا برغبة أطراف دولية في وجود سلطة تنفيذية أكثر انسجامًا مع المسارات السياسية المطروحة، سواء لتهيئة الأجواء لتسوية شاملة أو للتعامل مع استحقاقات مقبلة.
واعتبر الباروني أن التعديل الوزاري يمثل اعترافًا ضمنيًا بفشل جزئي في الأداء، حتى وإن جرى تسويقه تحت عناوين التطوير أو ضخ دماء جديدة، مؤكدًا أن تغيير الوجوه دون مراجعة حقيقية للسياسات وآليات اتخاذ القرار لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الإخفاق ذاته.
وشدد على أن جوهر أي تعديل لا يكمن في عدد الأسماء التي تغادر أو تدخل الحكومة، بل في قدرته على إحداث تحول حقيقي في نمط الحكم وربط الأداء التنفيذي بمسار سياسي جامع يضع المصلحة العامة فوق الحسابات الفئوية، محذرًا من أن غياب هذا التحول سيجعل التعديل مجرد إعادة ترتيب للواجهة دون معالجة جذور الأزمة.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي إدريس أحميد إن حكومة الدبيبة فشلت منذ البداية في الالتزام بتعهداتها، وعلى رأسها إجراء المعالجات الاقتصادية، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
وأوضح أحميد، في حديثه لـ«سبوتنيك»، أن الأزمات تفاقمت خلال فترة عمل الحكومة، لا سيما الأزمة الاقتصادية، في ظل استمرار الانقسام الداخلي، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تلتزم بقرارات مجلس النواب خلافًا لتعهداتها عند نيل الثقة، ما أسهم في تصاعد حالة الاحتقان الشعبي.
وأضاف أن الحكومة كان من المفترض أن تنتهي ولايتها في 24 ديسمبر 2021 مع إجراء الانتخابات، إلا أن تعثر هذا المسار، وترشح رئيس الحكومة للانتخابات رغم تعهداته السابقة بعدم الترشح، ساهما في تعميق الأزمة.
واعتبر أحميد أن التعديل الوزاري المرتقب يهدف بالأساس إلى توجيه رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن الحكومة أجرت تغييرات جديدة من أجل البقاء والحصول على مزيد من الدعم، رغم الحديث عن قرب تشكيل حكومة جديدة.
وأكد أن هذا التعديل، بحسب تقديره، لن يقدم حلولًا حقيقية، كون الحكومة منتهية الصلاحية ومرفوضة شعبيًا، وتعمل كحكومة أمر واقع، ولم تحقق خلال السنوات الماضية إنجازات ملموسة، بل ساهم أداؤها في تفاقم معاناة المواطن الليبي، في وقت قد تفضي فيه مسارات وحوارات جديدة إلى توافق دولي على مرحلة سياسية مختلفة.


