أكد موقع “العين الإخبارية” الإماراتي أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أطلقت خطوة جديدة تهدف إلى كسر حالة الجمود السياسي وتوسيع دائرة المشاركة، من خلال استكمال عضوية ما يُعرف بـ«الحوار المُهيكل»، في مسعى يمنح شرائح أوسع من الليبيين فرصة الإسهام في صياغة مستقبل البلاد السياسي.

وأضاف التقرير أن «الحوار المُهيكل» يمثل أحد الأعمدة الرئيسية الثلاثة لخارطة الطريق السياسية التي أعلنتها البعثة في 21 أغسطس 2025، إلى جانب اعتماد إطار انتخابي قابل للتطبيق والعمل على توحيد المؤسسات المنقسمة، وذلك انسجامًا مع قرار مجلس الأمن رقم 2796 لسنة 2025، الذي فوّض البعثة بتعزيز عملية سياسية شاملة وذات مصداقية.

وأشار التقرير إلى أن أولى جلسات الحوار من المقرر أن تنطلق اليوم الأحد 14 ديسمبر في العاصمة طرابلس ولمدة يومين، على أن تتواصل أعماله خلال الأشهر المقبلة، بهدف تقديم توصيات عملية تُسهم في تهيئة المناخ المناسب لإجراء الانتخابات، ومعالجة التحديات المرتبطة بالحوكمة والسياسات العامة، وبناء توافق وطني حول رؤية موحدة لمستقبل ليبيا.

وبحسب ما أورده موقع العين الإخبارية، فقد جرى اختيار أعضاء الحوار من بين مرشحين قدمتهم البلديات والأحزاب السياسية والجامعات والمؤسسات الفنية والأمنية، إضافة إلى المكونات الثقافية وكيانات المجتمع المدني، في وقت أبدى فيه أكثر من ألف رجل وامرأة من مختلف أنحاء البلاد رغبتهم في المشاركة، وهو ما اعتبرته البعثة مؤشرًا على تعطش مجتمعي للانخراط في المسار السياسي رغم خيبات الأمل السابقة.

وأوضح التقرير أن البعثة الأممية أكدت اعتماد معايير صارمة وموضوعية في عملية الاختيار، شملت خلو سجلات المرشحين من أي انتهاكات لحقوق الإنسان أو قضايا فساد أو خطاب كراهية، إلى جانب امتلاكهم خبرة أو معرفة في محاور الحوار الخمسة، والقدرة على المشاركة البنّاءة وتقديم توصيات سياسية وتشريعية قابلة للتنفيذ.

ونقل التقرير عن الكاتب والباحث السياسي الليبي أحمد عرابي قوله إن «الحوار المُهيكل» قد يشكل فرصة حقيقية لكسر حالة الانسداد السياسي إذا ما أُحسن استثماره، معتبرًا أن توسيع دائرة المشاركة يعكس إدراكًا دوليًا بأن المسارات الرسمية التقليدية وصلت إلى مرحلة العجز، غير أن نجاح الحوار، بحسب عرابي، يبقى مرهونًا بمدى قبول القوى الفاعلة داخليًا وخارجيًا لمخرجاته، محذرًا من إعادة إنتاج تجارب سابقة انتهت دون نتائج ملموسة.

وفي المقابل، أشار التقرير إلى تحفظات أبدىها الباحث السياسي الليبي محمد امطيريد إزاء آلية «الحوار المُهيكل»، معتبرًا أن قصر المدة الزمنية ومحدودية صلاحيات اللجنة قد تعيق قدرتها على تجاوز التعقيدات الأمنية والسياسية الراهنة، كما انتقد إشراك أطراف دولية كان لها دور سلبي سابق في الملف الليبي، محذرًا من تأثير ذلك على استقلالية المسار.

وأضاف التقرير أن امطيريد شكك في قدرة البعثة على إنجاز إطار انتخابي قابل للتطبيق خلال فترة زمنية قصيرة، معتبرًا أن ما يجري قد لا يتجاوز كونه تدويرًا للأزمة ما لم تُشرك مراكز القوة الحقيقية على الأرض، مؤكدًا أن الوصول إلى الانتخابات يظل رهين توافق شامل لا يمكن القفز عليه.

من جانبه، رأى المحلل السياسي الليبي سالم سويري، وفقًا لما نقله التقرير، أن استكمال عضوية «الحوار المُهيكل» يمثل خطوة مهمة لإعادة بناء الشرعية السياسية عبر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، إلا أنه تساءل عن مدى إلزامية التوصيات التي سيخرج بها الحوار، في ظل تأكيد البعثة أن هذا المسار لا يستهدف تشكيل حكومة جديدة.

ويخلص تقرير العين الإخبارية إلى أن الخطة الأممية، رغم طموحها في توحيد السلطة التنفيذية والتمهيد لإجراء الانتخابات، ما تزال تصطدم بواقع الانقسام السياسي والمؤسسي بين الشرق والغرب، وسط قناعة متزايدة بأن أي دعم دولي لن يحقق نتائج ملموسة ما لم يُترجم إلى توافق ليبي واسع وإرادة سياسية حقيقية تعيد بناء الثقة وتضع البلاد على مسار الاستقرار.

Shares: