أكد تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أن التحقيقات الجارية في النيابة العامة الليبية كشفت توسع عمليات التزوير داخل منظومة السجل المدني، بعدما بلغ الاشتباه نحو 34 ألف قيد عائلي.
أضاف التقرير أن هذه العمليات لا تعني فقط حصول أجانب على أرقام وطنية ومزايا اجتماعية واقتصادية، بل تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي عبر المساس بالتركيبة الديمغرافية للمجتمع الليبي.
وشدد التقرير على أن منحة «أرباب الأسر» التي تمنح للأبناء والزوجات، كانت المحرك الأساسي لانتشار هذه الممارسات، بعد تمكن بعض الموظفين والوسطاء من التلاعب بالبيانات مقابل مكاسب مالية. وأوضح التقرير أن المنحة تشمل 100 دينار شهريًا للأبناء دون 18 عامًا، ومبلغ مماثل للبنات فوق 18 عامًا، و150 دينارًا للزوجة غير العاملة.
وأشار التقرير إلى تصريحات خليفة عاشور، المحامي العام بمكتب النائب العام، الذي قال إن الحصول على المنحة كان في مقدمة دوافع اختراق منظومة السجل المدني، قبل أن يتطور الأمر لاحقًا للحصول على جوازات سفر ليبية.
وأوضح عاشور أن البلاغات الأولية تتضمن أكثر من 274 أجنبياً يشتبه في حصولهم على أرقام وطنية، وأنه تم إحالة 154 قضية مرتبطة بهذه الوقائع إلى المحاكم المختصة.
وأضاف التقرير أن عضو مجلس النواب، محمد عامر العباني، أكد أن امتلاك ليبيا ثروات نفطية وقلة عدد السكان مقارنة بدول الجوار، شكل دافعًا قويًا للحصول على الجنسية الليبية عبر مسارات مشروعة أو غير مشروعة، خاصة مع مزايا اقتصادية واجتماعية تشمل المنح والدعم للسلع الأساسية.
وشدد الباحث القانوني الليبي، هشام سالم الحاراتي، وفق التقرير، على أن الفوضى السياسية والأمنية بعد سقوط نظام القذافي وغياب الرقابة سمحت لبعض الأجانب بالحصول على أرقام وطنية بطريقة غير مشروعة، مشيرًا إلى أن بعض الموظفين الفاسدين حولوا الهوية الوطنية إلى سلعة تباع وتُشترى، مع استفادة الأجانب من مزايا مثل العلاج والتعليم المجاني داخل وخارج ليبيا.
وأفاد التقرير أن تزوير الأوراق الوطنية قد يُستخدم للحصول على جوازات سفر ليبية، ما قد يتيح توظيف الهوية في شبكات التطرف أو في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، عبر تضخيم السجل المدني وشراء أصوات من حصلوا على أرقام وطنية بطرق غير قانونية، وهو ما يهدد نزاهة أي عملية انتخابية.
وأشار التقرير إلى أن التحقيقات تجري في مكاتب رئيسية للسجل المدني في طرابلس والأصابعة وصرمان وسرت وبنغازي.
وكشفت إحدى القضايا عن حصول أجنبي على أرقام وطنية له ولأسرته مقابل 45 ألف دينار، فيما سجلت مدينة سبها أعلى حجم للاختلالات بعد حبس موظف اتهم بتزوير أكثر من ألف مستند رسمي.
وشدد التقرير على تصريحات النائب العام، الصديق الصور، الذي أكد أن الموظفين المتورطين يخضعون لقوانين العقوبات والكسب غير المشروع، وأن الأجانب الذين حصلوا على وثائق مزورة يعدون شركاء في الجريمة، فيما دعت لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان إلى إنزال أقصى العقوبات على جميع المتورطين.
وأكد التقرير تحذيرات أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، أيوب الفارسي، أن وقائع التزوير تجاوزت حدود الفساد الإداري والمالي لتصل إلى تهديد الهوية والسيادة واستنزاف الموارد، معربًا عن قلقه من الأعباء المالية الكبيرة التي تفرضها مشاركة الأجانب في الامتيازات المرتبطة بالرقم الوطني، مثل امتلاك عقارات وشركات، وفتح حسابات بنكية، والحصول على العملة الأجنبية بالسعر الرسمي.
وأوضح التقرير أن مدينة صرمان غرب ليبيا شهدت تزوير تسعة قيود عائلية، وتمكين 63 أجنبياً من الحصول على أرقام وطنية، استفادوا عبرها من أكثر من 85 ألف دينار خلال 13 عامًا، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه منظومة السجل المدني الليبي.


