قال المحلل السياسي إدريس احميد إن الاتفاقية البحرية الموقّعة بين حكومة الوفاق وتركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية، منحت ليبيا مساحة بحرية واسعة، وشكّلت خطوة مهمة في حماية مصالحها الاستراتيجية في منطقة شرق البحر المتوسط.
وأوضح احميد، في تصريح نقلته “سبوتنيك”، أن هذه الاتفاقية أصبحت محوراً رئيسياً في أي نقاش يتعلق بالحدود البحرية، كونها أعادت رسم مناطق النفوذ وحددت حقوق الاستكشاف والتعاون البحري بين الأطراف المعنية.
وبشأن زيارة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى اليونان، أشار احميد إلى أن الزيارة كان من المفترض أن تركز على تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين، ودور اليونان في دعم جهود حل الأزمة الليبية، إضافة إلى توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين طرابلس وأثينا.
احميد يرى أن الجانب اليوناني استغل الزيارة لفتح ملف ترسيم الحدود البحرية، وهو ملف تعارضه أثينا بشدة، باعتباره يمس ما تعتبره جزءاً من حدودها البحرية.
وأكد أن التصريحات التي صدرت عن رئيس البرلمان اليوناني ووزير الخارجية خلال الزيارة حملت طابع الإملاءات السياسية، وهو ما قوبل برفض واضح من حكومة حماد ومجلس النواب.
وأوضح أن ملف ترسيم الحدود البحرية لا يقتصر على ليبيا وتركيا فقط، بل يتداخل فيه عدد من الدول، من بينها مصر واليونان وقبرص، لافتاً إلى أن الحسم في هذا الملف في ظل الانقسام السياسي القائم داخل ليبيا يبقى أمراً بالغ الصعوبة، رغم أن مجلس النواب هو الجهة المنتخبة المخوّلة قانوناً بالتصديق على الاتفاقيات الدولية.
وشدد احميد على أهمية استمرار ليبيا في توثيق علاقاتها مع مختلف الدول، بما فيها دول الجوار، وعلى رأسها اليونان، بالنظر إلى أهميتها السياسية والاقتصادية، وإمكانية البناء على الزيارات المتبادلة لتعزيز التعاون الثنائي.
كما أكد أن معالجة ملف ترسيم الحدود البحرية والرفض اليوناني يجب أن تتم عبر المفاوضات المباشرة أو من خلال اللجوء إلى القضاء الدولي، معتبراً أن الخيار القضائي قد يكون الأكثر فائدة لليبيا على المدى الطويل.
وأشار إلى أن غياب تصريحات حكومة الدبيبة بشأن تطورات هذا الملف وضع ليبيا في موقف محرج، مرجحاً في الوقت ذاته وجود توافق ليبي عام حول الاتفاقية الموقعة مع تركيا، باعتبارها تخدم المصالح المشتركة للطرفين.
وختم احميد بالتأكيد على أن تركيا تربطها علاقات مهمة بكل من حفتر وحكومة البرلمان إضافة إلى علاقات متقدمة مع مصر، وهو ما يفتح المجال أمام إدارة هذا الملف بطريقة دبلوماسية هادئة تقوم على الحوار والالتزام بالقانون الدولي، مشدداً على ضرورة ألا يؤثر هذا الخلاف على علاقات ليبيا الإقليمية أو على مصالحها.
وتصاعد التوتر الدبلوماسي بين ليبيا واليونان، خلال الأيام الأخيرة، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس البرلمان اليوناني نيكيتاس كاكلامانيس، ووزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابتريتيس، عقب لقائهما بوفد مجلس النواب الليبي في أثينا.
وردّت الحكومة المنبثقة عن البرلمان، ببيان شديد اللهجة، اعتبرت فيه تلك التصريحات تدخلًا مرفوضًا في الشأن الداخلي وتعديًا على السيادة خصوصًا فيما يتعلق بالموقف من مذكرة التفاهم البحرية مع تركيا وحقوق ليبيا في شرق المتوسط.
وأكدت تمسكها بحقوق البلاد البحرية ورفضها لأي إملاءات خارجية، داعية أثينا إلى احترام القانون الدولي والاحتكام للقنوات الرسمية بدل التصعيد الإعلامي.


