قال الأكاديمي والمحلل السياسي، إلياس الباروني، إن توقيع اتفاق البرنامج التنموي الموحّد بين مجلسي النواب والدولة الاستشاري، يمثّل خطوة مهمة نحو توحيد قنوات الإنفاق التنموي ووضع مسار مالي واضح يعتمد على الشفافية والرقابة.

وأضاف الباروني في تصريحات نقلتها “سبوتنيك”، أن الاتفاق يقدم إطارا عاما لإدارة موازنات التنمية، لكنه لم يطرح موازنة نهائية أو جداول صرف تفصيلية، بل وضع ناموس عمل سيطبق تدريجيا.

وأكد أن الاتفاق الذي أعلن عنه مصرف ليبيا المركزي وأيّدته بعثة الأمم المتحدة، يمكن أن يسهم في خفض الازدواجية المالية وتقليل الهدر عبر الحد من القنوات الموازية للصرف، إضافة إلى إعادة تشغيل مشروعات متوقفة بسبب خلافات إدارية، وتعزيز ثقة المانحين والمصرف المركزي عبر إطار موحّد وواضح للحوكمة.

وحذر الباروني من قيود واقعية قد تحدّ من أثر الاتفاق، أبرزها أن الازدواجية في ليبيا ليست مالية فقط، بل مؤسساتية أيضاً، إضافة إلى محدودية الموارد ووجود اختلالات إقليمية قد تعرقل عدالة توزيع المشاريع.

واعتبر أن الاتفاق قادر على تقليل جزء مهم من الازدواجية المالية، لكنه ليس حلا سحريا دون إصلاحات موازية في المؤسسات التنفيذية.

وفي تقييمه السياسي، رأى الباروني أن الاتفاق قد يشكّل مقدمة لتسوية سياسية أوسع، باعتباره خطوة مشتركة بين مجلسي النواب والدولة وتحظى بترحيب المصرف المركزي والأمم المتحدة، ما يساعد في بناء الثقة وفتح الباب أمام تعاون أكبر يشمل الميزانية الموحّدة والإصلاحات المالية وربما الترتيبات الانتخابية لاحقاً.

لكنه أشار أيضا إلى احتمال أن يبقى الاتفاق خطوة معزولة بسبب غياب التفاصيل السياسية وتواصل الصراعات داخل المؤسسات.

وعن العقبات المحتملة، لفت الباروني إلى وجود مقاومة داخلية من الأطراف المستفيدة من القنوات الموازية، إضافة إلى الانقسامات داخل المجالس وضعف آليات فض النزاعات، لافتا إلى تحديات اقتصادية مثل نقص البيانات الدقيقة، والتقلبات النفطية، والفساد الإداري وضعف القدرات التنفيذية، فضلاً عن شروط المانحين التي قد تُعدّ تدخلاً في القرار المحلي.

وأوصى الباروني لضمان فعالية الاتفاق ما يلي:

وضع جدول زمني مُعلن مع مؤشرات أداء

إطلاق مشروعات نموذجية سريعة

تشكيل هيئة رقابة مشتركة بمشاركة المجتمع المدني.

اعتماد آلية تحكيم واضحة لفض النزاعات.

ربط التمويل بنتائج ملموسة لتعزيز الثقة وتقليل المخاوف الإقليمية

وبحسب التصور المتوقع لمدة 12 شهرا، ستبدأ المرحلة الأولى خلال الشهرين الأولين عبر تشكيل لجنة تنفيذية مشتركة من مجلسي النواب والدولة والمصرف المركزي، مع مشاركة أممية أو من مانحين دوليين، لتحديد معايير الصرف وآليات إدارة القنوات المالية.

وفي الفترة بين الشهرين الثاني والسادس، ستُحدَّد قائمة مشروعات نموذجية في قطاعات عاجلة مثل البنية التحتية والمياه والكهرباء، بينما تُوسَّع التجربة خلال الأشهر اللاحقة لتشمل مشاريع أكبر، مع اعتماد نظام رقابة ومتابعة رقمية وتقديم تقارير ربع سنوية.

Shares: