اعتبر الناطق باسم حزب صوت الشعب، عبد السلام القريتلي، أن استمرار التعويل على البعثة الأممية في حل الأزمة الليبية أصبح «مضيعة للوقت»، مشدداً على ضرورة اتخاذ مسار وطني خالص يقوم على الحوار الليبي–الليبي بعيداً عن أي تدخل خارجي.

وقال القريتلي، في تصريحاته لقناة ليبيا الحدث، إن الشعب الليبي يمتلك القدرة على صناعة التحول السياسي إذا توفرت الإرادة والتنظيم، داعياً إلى أن تستند أي تحركات شعبية أو دعوات للتظاهر إلى أجندة موحدة وتنسيق كامل بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والقبائل والكيانات المدنية، لضمان خروج الحراك بشكل منظم يحافظ على السلمية ولا يفتح الباب أمام «اختراقات من أطراف لا تريد الخير للبلاد».

وشدّد على ضرورة توفير حماية أمنية منظمة لأي تحرك شعبي، باعتبار ذلك الضامن الأساسي لاستمرار سلميته ومنع انزلاقه نحو العنف، مؤكداً أن التظاهر السلمي حق مشروع إذا جاء في إطار منظم وواضح.

كما لفت إلى غياب الوعي الحقيقي بمفهوم العصيان المدني، داعياً إلى حملات تعريفية وندوات لتوعية المواطنين بآلياته وأساليبه السلمية.

وانتقد القريتلي الطبقة السياسية الحالية التي وصف الكثير من رموزها بأنهم «حولوا المناصب إلى مصادر امتيازات»، في وقت يعيش فيه المواطن الليبي أزمات معيشية خانقة، مع تفاقم الفقر ونقص الخدمات الأساسية.

وأشار إلى أن استمرار الانسداد السياسي قد يفضي إلى انفجار شعبي واسع، إذا لم تُتخذ خطوات جدية لمعالجة جذور الأزمة.

وفي السياق نفسه، أكد أن المرحلة الراهنة «خطيرة للغاية»، وأن الحل الوحيد يكمن في مسار «ليبي – ليبي» حقيقي، يقوم على حوار داخلي جامع، معتبراً أن تجاهل معاناة المواطنين سيعمق الانقسام ويفتح الباب لاضطرابات يصعب احتواؤها.

وفي انتقاد واضح للبعثة الأممية، قال القريتلي إنها تحولت من جهة داعمة للحل إلى طرف يدير الأزمة ويستفيد من الانقسام، ما أدى إلى إطالة عمر الصراع وفتح المجال أمام السياسيين لتحقيق مكاسب شخصية.

وكشف عن رسالة تلقتها الأحزاب عام 2020 من البعثة تطلب فيها ترشيح ممثلين للحوار، مع احتفاظها بحق رفض أي شخصية، معتبراً ذلك «هيمنة كاملة على المسار السياسي».

ولفت إلى أن الحل الحقيقي يبدأ بإعادة تفعيل الاستفتاء على الدستور وتحديد هوية الدولة، مشيراً إلى أن هيئة الاستفتاء أنجزت منظومتها منذ أكثر من عام، لكن المشروع جُمّد لأسباب تتعلق بمصالح أطراف نافذة.

أكد أن الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق دستور واضح هو الطريق الوحيد للخروج من «عنق الزجاجة»، في ظل استحالة إجراء انتخابات حالياً دون إطار دستوري يضبط العملية السياسية.

كما أشار القريتلي إلى أن ثلث الشعب الليبي يعيش تحت خط الفقر، وهو ما يفرض ضرورة الإسراع بتسوية سياسية شاملة، مؤكداً أن أي انتخابات تُجرى دون أساس دستوري ستكون محكومة بالفشل نتيجة عدم قبول الأطراف المتصارعة بنتائجها.

وتحدث عن مساعٍ جارية لعقد حوار وطني شامل داخل ليبيا، يشارك فيه ممثلون عن المدن والأحزاب والقبائل والقوات المسلحة، على أن يرتكز الحوار على حسم هوية الدولة والدستور كمدخل لأي إصلاح سياسي.

وفي ختام حديثه، أعرب القريتلي عن ثقته بأن ليبيا قادرة على تجاوز أزمتها إذا ما توحدت الجهود، مؤكداً أن الشعب الليبي اكتسب خبرة سياسية تمنعه من تكرار أخطاء الماضي، وأن المستقبل قد يكون أفضل إذا بُنيت العملية السياسية على أسس سليمة وواضحة.

 

Shares: