وثّقت مؤسسة حقوق الإنسان في ليبيا، عبر قسم تقصّي الحقائق والرصد والتوثيق، واقعة تعرّض المواطن “أ. ف. ض” للتعذيب الجسدي والنفسي بشكل مبرح بتاريخ 19 أكتوبر 2025، على يد عناصر من قسم البحث الجنائي التابع لمديرية أمن بني وليد.
وأكدت المؤسسة في بيان لها عبر صفحتها علي فيسبوك، أن حالة المواطن عند عرضه على النيابة العامة أظهرت بوضوح آثار تعذيب، دون أن يقوم عضو النيابة بفتح تحقيق أو عرضه على الطب الشرعي، إلا بعد مطالبة من عائلته.
وأشارت المؤسسة إلى أنها تلقت شكوى من عائلة الضحية، وبناءً عليها تم توثيق الواقعة وإحالة الملف إلى مكتب النائب العام وإلى وزير الداخلية المكلف، مطالبة بفتح تحقيق فوري في ملابسات ما حدث، ومحاسبة المتورطين في الجريمة التي وصفتها بالمخالفة الجسيمة للقانون ولصلاحيات الأجهزة الأمنية.
وأكدت المؤسسة أن الانتهاكات التي وقعت بحق الضحية تُشكّل جريمة كاملة الأركان وفق القانون الليبي، لا سيما القانون رقم (10) لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز، إضافة إلى مخالفتها الصريحة لأحكام قانون العقوبات الليبي والمعايير الوطنية والدولية التي تكفل كرامة الإنسان وسلامته البدنية والنفسية.
ولفت التقرير إلى أن ما جرى يمثل إساءة بالغة لاستعمال السلطة من قبل عناصر أمن مكلفين بإنفاذ القانون، إذ تحظر التشريعات الليبية أي مساس بكرامة الموقوفين أو تعريضهم لسوء المعاملة أثناء عمليات الضبط والتحقيق والاحتجاز، كما تؤكد القوانين على ضرورة مثول المحتجزين أمام القضاء في ظروف قانونية تحمي حقوقهم.
وطالبت مؤسسة حقوق الإنسان مكتب النائب العام بإجراء تحقيق شامل ومستقل في قضية تعذيب المواطن المذكور، وإعادة النظر في محضر جمع الاستدلالات ومحضر تحقيق النيابة العامة، باعتبار أن أقوال الضحية انتُزعت تحت التعذيب والتهديد، وصولاً لضمان حقه في العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
كما حمّلت المؤسسة وزارة الداخلية، ممثلة في الإدارة العامة للتفتيش والمتابعة ووزير الداخلية المكلف، المسؤولية القانونية الكاملة نتيجة التغاضي – رغم الشكاوى المتكررة – عن الانتهاكات المرتكبة في مراكز الاحتجاز المؤقت. وأكدت أن هذا التقاعس ساهم في ترسيخ حالة من الإفلات من العقاب وانتشار نمط التعذيب الجسدي والنفسي داخل عدد من المراكز التابعة للوزارة.
وتابعت المؤسسة بالقول إن تفاقم هذه الانتهاكات، وغياب المساءلة الحقيقية، جعلا من التعذيب ممارسة شبه اعتيادية في بعض مراكز الاحتجاز، ما اضطر المؤسسة لإحالة هذه القضية وقضايا مشابهة إلى مكتب النائب العام مباشرة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتهمين وضمان وقف هذه الجرائم التي تمس جوهر حقوق الإنسان وكرامته.


