كشف تقرير دولي موسّع صادر عن فريق “ذا سينتري” (The Sentry) عن تفاقم عمليات تهريب الوقود في ليبيا لتصل إلى أكثر من 20 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، بمعدل 6.7 مليار دولار سنويًا، مشيرًا إلى أن هذه الشبكات أصبحت منظّمة وتمتد داخليًا وخارجيًا، وتشمل مجموعات مسلحة محلية وأطرافًا إقليمية وشبكات جريمة منظمة في جنوب أوروبا.

وأوضح التقرير أن عمليات التهريب توسعت بين عامي 2022 و2024 بشكل غير مسبوق، مستفيدة من الانتفاخ الكبير في برنامج دعم الوقود وآلية مقايضة النفط الخام بالوقود المستورد، ما سمح بإخفاء بيانات مالية وخلق بيئة مناسبة للنشاط غير القانوني.

وأشار التقرير إلى أن شبكات موالية لصدّام حفتر أصبحت اللاعب الأكثر نفوذاً في شرق وجنوب ليبيا، حيث سيطرت على الموانئ والطرق والمستودعات، وفرضت أنماطًا منظمة لتهريب الوقود إلى تشاد والنيجر والسودان، بالإضافة إلى تزويد قوات روسية في الجفرة وبراك وقوات الدعم السريع السودانية بآلية وصفها التقرير بأنها “تزويد منهجي” بدفع إماراتي.

وأوضح التقرير استخدام مسارات بحرية لتهريب الوقود إلى مالطا وإيطاليا وتركيا وألبانيا، ما يسمح بإعادة تصدير الوقود المهرب تحت غطاء تجاري أو عبر عمليات تبديل في المياه الدولية، في انتهاك مباشر للعقوبات البحرية، مستشهدًا بحالات ضبط نوعية مثل شحنة “كوين ماجيدا” إلى ألبانيا عام 2022، وسفينة “أريستو” التي أوقفتها إيطاليا عام 2023.

كما ركّز التقرير على تصاعد التهريب في المنطقة الغربية، مشيرًا إلى ممر زوارة – الزاوية – جنزور – طرابلس باعتباره أحد أكثر المراكز نشاطًا للتهريب البحري، مع وجود شبكات “منسقة جيدًا” تستخدم نقاط تحميل ساحلية وموانئ داخلية لتجميع الوقود قبل شحنه إلى عرض البحر عبر قوارب سريعة تتولى نقل الوقود إلى سفن أكبر.

وأشار التقرير إلى أن أرباح التهريب في شرق وغرب ليبيا تُستخدم في غسل الأموال وتمويل نشاطات موازية تشمل شراء معدات عسكرية، ودعم شبكات تهريب البشر، وتوسيع النفوذ المحلي للمجموعات المسلحة المسيطرة على نقاط الإمداد، مؤكدًا أن تهريب الوقود أصبح “خطة اقتصادية موازية” تستنزف خزينة الدولة، وترفع معدلات التضخم، وتعمّق الفجوة التنموية بين المدن الساحلية والمناطق الطرفية.

ولفت التقرير إلى أن واردات الشركة الوطنية للنفط من الوقود ارتفعت من نحو 20.4 مليون لتر يوميًا في أوائل 2021 إلى أكثر من 41 مليون لتر يوميًا بحلول أواخر 2024، مشيرًا إلى أن أكثر من نصف البنزين المكرر المستورد تم بيعه من قبل شبكات إجرامية لتحقيق ربح خاص، ما يعكس استغلال برنامج الدعم بشكل غير قانوني.

وأكد التقرير ضرورة فرض رقابة دولية على برنامج الدعم وآليات الاستيراد، وإنشاء آلية شفافة لمتابعة تدفقات الوقود داخليًا، وفرض عقوبات على شركات وشخصيات متورطة في النقل البحري غير القانوني، إضافة إلى فتح تحقيق شامل في دور الشركات الأجنبية في استيراد الوقود إلى ليبيا.

وأشار التقرير إلى أن التهريب لم يحرم البنك المركزي الليبي من عائدات الدولار الحيوية فحسب، بل قوض نزاهة مؤسسة النفط خلال رئاسة فرحات بن قدارة، مشيرًا إلى استمرار استيراد كميات وقود تفوق الاحتياجات الفعلية رغم إعلان المؤسسة التخلي عن نظام المبادلة في مارس 2025 وانخفاض جودة الوقود المستورد بنسبة 8% مقارنة بالعام السابق.

Shares: