قال الخبير الاقتصادي، محمد درميش، إن السبب الرئيسي لانخفاض أسعار النفط في الوقت الراهن يعود إلى تخمة المعروض وتراجع الطلب، خاصة في الولايات المتحدة، إلى جانب عوامل اقتصادية وجيوسياسية متداخلة أثرت بشكل مباشر على السوق العالمية.

وأضاف درميش في تصريح نقلته “سبوتنيك”، أن من أبرز العوامل المؤثرة في تراجع الأسعار خلال شهر نوفمبر الجاري هي عوامل العرض والطلب، حيث شهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا ملحوظًا في مستويات المخزون النفطي، إذ سجلت زيادة قدرها 5.2 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، وهو ما تجاوز توقعات المحللين وأثار مخاوف من فائض في المعروض.

وأوضح أن تراجع الطلب الأمريكي نتيجة ضعف النشاط الاقتصادي أسهم أيضًا في الضغط على الأسعار، إلى جانب قرار “أوبك” تعليق زيادة الإنتاج، والذي رغم أنه يهدف إلى ضبط السوق، إلا أن الأسواق اعتبرته مؤشرًا على وجود فائض فعلي في المعروض النفطي، ما زاد من القلق ودفع الأسعار نحو الهبوط.

وأشار إلى أن العوامل الاقتصادية الأخرى تشمل قوة الدولار الأمريكي، إذ إن ارتفاع قيمته يجعل النفط أكثر تكلفة للمشترين من الدول الأخرى، مما يقلل الطلب العالمي، فضلا عن مخاوف من شلل حكومي محتمل في الولايات المتحدة قد يؤثر سلبًا على مستويات الاستهلاك والطاقة، ويزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق.

وتحدث درميش أيضا عن العوامل الجيوسياسية التي تلعب دورا كبيرا في تقلبات الأسعار، مثل استمرار الحرب في غزة، والصراع الروسي الأوكراني، واحتمال تشديد العقوبات على إيران وفنزويلا بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، وهي عوامل من شأنها التأثير على توقعات الإمدادات العالمية وزيادة حدة التذبذب في السوق النفطية.

وحول انعكاسات هذا الانخفاض على الإيرادات النفطية الليبية، قال درميش إن ليبيا تعرضت لتجارب مماثلة خلال العقود الماضية، حين وصل سعر برميل النفط في عام 1981 إلى أقل من تكلفة الإنتاج.

وأضاف أن ليبيا وضعت في عام 1991 خططا لتنويع مصادر الدخل القومي والابتعاد عن الاعتماد الكامل على النفط، من خلال إعداد موازنات تعتمد على سعر تقديري للبرميل عند 40 دولارا، بهدف الاستفادة من فترات ارتفاع الأسعار وامتصاص تأثير الانخفاض بخلق رأس مال عامل يدعم تنمية بدائل اقتصادية.

وبحسب درميش لم تستمر الدولة في تنفيذ تلك الخطط المرسومة، واستمر الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لتمويل الموازنة بنسبة تصل إلى 99%، رغم امتلاك ليبيا رأس مال عامل ومستثمر يقدر بين 200 و300 مليار دولار، إضافة إلى موارد اقتصادية متاحة وغير مستغلة.

وأكد أن إعادة ليبيا لتفعيل خططها السابقة وإدارة مواردها بفعالية بات أمرا ضروريا لتقليل آثار الأزمة الحالية، مشددا على أن عدم اتخاذ خطوات عاجلة سيؤدي إلى تأثر كل القطاعات العامة والخاصة، وقد يجعل ليبيا عاجزة عن تسيير شؤونها الاقتصادية.

وقال إن مواجهة هذه الأزمة تتطلب حسن إدارة واستثمار الموارد والفرص، لأن ليبيا بفضل إمكاناتها قادرة على التكيف مع الظروف الحالية والتخفيف من حدّة تأثيرها على الاقتصاد الوطني.

وقالت “سبوتنيك” إن الأسواق العالمية شهدت خلال الفترة الأخيرة تراجعا ملحوظا في أسعار النفط، نتيجة لتقلبات العرض والطلب وتغيرات الأوضاع الاقتصادية الدولية، ويعد هذا الانخفاض مصدر قلق خاص بالنسبة لدولة تعتمد بشكل كبير على العائدات النفطية مثل ليبيا، حيث يشكل النفط العمود الفقري للاقتصاد الوطني ومصدر الدخل الرئيسي للدولة.

وأضافت أنه في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، يطرح هذا التراجع تساؤلات حول انعكاساته المحتملة على الموازنة العامة، ومستوى المعيشة، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

ومن ناحية أخرى، قال مسعود سليمان، رئيس مؤسسة النفط، الأسبوع الماضي، إن أكثر من 40 شركة أبدت اهتماما بالمشاركة في جولة تراخيص متاحة حاليا في ليبيا للحصول على حقوق التنقيب عن النفط.

وذكرت وكالة “رويترز” أن ليبيا طرحت 22 منطقة للتنقيب عن النفط وللتطوير في أول جولة من نوعها منذ أكثر من 17 عاما بعد أن شهدت البلاد صراعات مسلحة واضطرابات سياسية منذ فترة طويلة.

وأضاف سليمان، حسبما نقلت “رويترز”، في معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) أن ليبيا أصبحت حاليا دولة مستقرة للغاية، مؤكدا أن الأبواب مفتوحة على مصراعيها للمستثمرين.

وكشف رئيس مؤسسة النفط، عن خطط المؤسسة لطلب قرض من مصرف ليبيا المركزي لتمويل استراتيجيتها في زيادة إنتاج النفط الخام، إضافة إلى أن المستثمرين سيأتون بأموال أيضا.

وأوضح أن ليبيا تدرس رفع الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يوميا العام المقبل و1.8 مليون برميل يوميا في 2027 مع طموح طويل الأجل للوصول إلى مليوني برميل يوميا في السنوات الخمس المقبلة.

Shares: