علق الباحث الليبي المتخصص في شؤون الأمن القومي، فيصل أبو الرايقة على عملية ضبط 250 ألف قرص من عقار الترامادول في شرق ليبيا، قبل تهريبها إلى مصر، وسط استمرار مخاطر تجارة المخدرات، وتغول شبكاتها في البلاد التي تحولت إلى اقتصاد موازٍ عابر للحدود.
وقال أبو الرايقة في تصريحات نقلتها “صحيفة الشرق الأوسط”، إن هذه التجارة تدار عبر شبكات متطورة، وجماعات تستثمر الفراغ الأمني ومصادر التمويل غير المشروعة.
وأضاف أن حجم الكمية المعدة للتهريب يضع البلاد في حالة إنذار مبكر، ذات ضوء برتقالي، عادّاً أن تهريب المخدرات يشكِّل تهديداً مباشراً للأمن القومي، الليبي والمصري على حد سواء.
ومع تصاعد نشاط الشبكات العابرة للحدود، لا يجد فيصل أبو الرايقة خيارا سوى ضرورة تجفيف المنابع المالية لهذه الأنشطة المحرَّمة، عبر تكثيف تتبع الحسابات المصرفية، وتعزيز الجهود الاستخباراتية، إلى جانب تشديد الرقابة على الحدود، وتفعيل آليات التعاون الإقليمي لمواجهة هذا التحدي السيادي الخطير.
وأوضحت الصحيفة أن العملية الأمنية التي وصفها خبراء بأنها نوعية، داهم خلالها جهاز مكافحة المخدرات في شرق ليبيا، مخزنا في منطقة أمساعد الحدودية مع مصر، كان يُستخدم لتجميع الأقراص المهلوِسة تمهيداً لتهريبها، كاشفا أنها نفذت بناء على معلومات أمنية دقيقة.
وتكشف سلسلة من العمليات خلال الأشهر الأخيرة عن اتساع المسارات والطرق المستخدمة في التهريب، بعد الكشف عن محاولات تهريب مشابهة في ميناء بنغازي، داخل حاوية شحن قادمة من الخارج، وأخرى في سبها أسفرت عن ضبط آلاف الأقراص المهلوِسة.
ويعتمد المهربون على شبكات لوجستية معقدة، تمتد من ميناءي طبرق وبنغازي شرقاً إلى زوارة والخمس غرباً، ومنها إلى معابر صحراوية غير رسمية نحو مصر وتشاد والسودان؛ حسب المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
ويتواكب ذلك مع تطور مستمر في حيل وأساليب التهريب داخل ليبيا؛ حيث لجأت الشبكات إلى وسائل متخفية غير تقليدية، مثل استخدام سيارات إسعاف لأغراض نقل المخدرات وترويجها، وهو ما جرى الكشف عنه، السبت، في طبرق، شرق البلاد.
ويبرز تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في يونيو الماضي، أن الانقسام السياسي يؤدي إلى تكرار الجهود وغياب التنسيق الميداني؛ خصوصا في المناطق الحدودية، مع غياب قاعدة بيانات موحدة لمكافحة هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن مساحات شاسعة من الجنوب الليبي والصحراء الكبرى تقع خارج السيطرة الفعلية للدولة.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، تمكنت السلطات من ضبط 28 متهماً في قضايا اتجار في المخدرات وتعاطٍ لها، 18 في غرب ليبيا و10 في شرقها، وضُبطت بحوزتهم كميات من الحشيش والأقراص المهلوِسة والترامادول، إلا أن محللين يشيرون إلى أن هذه، تمثل قدراً ضئيلا من حجم النشاط الفعلي لشبكات التهريب في البلاد.
ويرى مراقبون أن ضبط ربع مليون قرص خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، فإن استمرار الانقسام وغياب استراتيجية وطنية موحدة قد يجعل من هذه النجاحات إنذارات متكررة في حرب طويلة ضد اقتصاد يزداد تغولاً.


