تقرير صحيفة “الشرق الأوسط” أكد أن الانقسام في ليبيا تجاوز المؤسسات الرسمية والجيش إلى طريقة التعامل مع المنظمات الدولية، حيث تتباين المواقف بين المطالبة بطردها أو تحجيم نشاطها.

وأشار التقرير إلى أن السلطة المنقسمة في ليبيا وجهت منذ بداية العام الحالي تحفظات على عمل منظمات أممية ودولية، متهمة إياها بـ«التسييس والتدخل في الشؤون الداخلية».

وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» في 29 أكتوبر الماضي أن وزارة الخارجية بغرب ليبيا أمهلتها حتى التاسع من نوفمبر لمغادرة البلاد.

وأوضح التقرير أن جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة «الوحدة» اتهم في أبريل الماضي منظمات دولية غير حكومية بضلوعها في «مشروع دولي» يستهدف «توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا».

وأشار التقرير إلى تعليق الباحثة في «مجموعة الأزمات الدولية»، كلوديا غازيني، التي أوضحت أن حكومة طرابلس تتمتع باعتراف دولي واسع وعلاقات دبلوماسية طبيعية مع الدول، لكنها تصطدم بحساسية سياسية حين تتعلق أنشطة المنظمات بملفات الحكومة نفسها.

وأشار التقرير إلى أن حكومة الدبيبة أبدت تحفظاً على مسار تشكيل حكومة انتقالية موحدة رغم دعمها لجهود الأمم المتحدة، ورفضت ضمنياً فكرة الحكومة الانتقالية، في محاولة لتثبيت شرعيتها وإظهار اختلاف رؤيتها عن البعثة الأممية.

وأكد التقرير أن رئيس الحكومة المنبثقة عن البرلمان، أسامة حماد، طالب بطرد البعثة الأممية من ليبيا فوراً، معتبراً أن حكومته تتبنى موقفاً أكثر تحفظاً تجاه الأمم المتحدة، في حين تتم إدارة علاقاتها الدولية غالباً عبر قنوات غير مباشرة، وفق غازيني، ما أدى إلى مسارين متباينين في التعامل مع المجتمع الدولي.

وأشار التقرير إلى رأي الناشط الليبي عمرو أبو سعيدة، الذي اعتبر أن حكومة حماد «حكومة أمر واقع» تدير المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات المسلحة، وأن البعثة الأممية تنتهج سياسة ازدواجية المعايير تجاه الأطراف المختلفة، مستشهداً بقرار مجلس الأمن الأخير حول تفعيل مكاتب البعثة في بنغازي وسبها كدليل على تهميش المنطقتين.

وأكد التقرير أن العلاقة مع المنظمات الإنسانية الأخرى في الغرب أكثر توتراً، حيث دخلت حكومة الدبيبة في مواجهة مع «أطباء بلا حدود» عام 2024، بعد اتهامها بتجاوز الإجراءات داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وأصدرت الحكومة قراراً بإنهاء عمل المنظمة في ليبيا، ما كشف حدود الانفتاح الذي تروّج له طرابلس على المنظمات الإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن المحامية ثريا الطويبي أكدت أن مراقبة عمل المنظمات الدولية ضرورية لتجنب «مشروع محتمل لتوطين الأجانب»، مشيرة إلى أن الانقسام بين الحكومتين استُغل من بعض المنظمات بما يخالف المصلحة الوطنية.

وأوضح التقرير أن الشرق الليبي اتبع نهجاً حذراً مماثلاً، حيث رحبت السلطات بالمساعدات الدولية بعد إعصار «دانيال» لكنها اشترطت إشرافها المباشر، وفي يوليو الماضي فرض حماد خمسة إجراءات على دخول وتجول البعثات والمنظمات في مناطقه لضبط النشاط الأجنبي ومنع الاختراقات، وهو ما برره أبو سعيدة بضرورة التعامل بحذر مع المنظمات التي قد تحمل أجندات إقليمية وليس بالضرورة المصلحة الوطنية الليبية.

وأشار التقرير إلى أن العلاقة بين الترحيب والتوجس ما تزال متأرجحة، في ظل انقسام سياسي يجعل التعامل الدولي مزدوجاً مع سلطتين تتحدثان باسم «الشرعية».

Shares: