أكد عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، أن في كل عام دراسي جديد، تتكرر أزمة الكتاب المدرسي وكأنها قدر لا مفر منه، من حيث تأخر في التوزيع، وارتباك في سير العملية التعليمية، وضياع أيام بل أسابيع من عمر الطلبة.
وأضاف نصية عبر “فيس بوك”، أن مع كل أزمة جديدة، تتصاعد الأسئلة القديمة ذاتها: لماذا يتحول الكتاب المدرسي ـ هذا الركن الجوهري في التعليم ـ إلى أزمة مزمنة تطيح بوزراء وتكشف خللا إداريًا وماليًا عميقًا؟.
وأوضح البرلماني أن الكتاب المدرسي ليس مجرد أوراق مطبوعة، بل هو المنهج الموحّد والمعيار الأساسي الذي تبنى عليه العملية التعليمية، فمن خلاله يُوجّه المعلم، ويُقيَّم الطالب، وتُنفّذ السياسة التعليمية للدولة.
وأشار عضو مجلس النواب أن غياب الكتاب المدرسي أو تأخره يعني ببساطة تعطيلاً كاملاً لعجلة التعليم، وإرباكًا للطلاب وأولياء الأمور، وفوضى في المدارس التي تجد نفسها عاجزة عن تنفيذ الخطط الدراسية.
وأكد عبد السلام نصية أن توقيت توزيع الكتب ليس تفصيلًا إداريًا بسيطًا، بل مؤشر على كفاءة الوزارة والتزامها تجاه الطلبة والمعلمين، فالدول التي تحترم التعليم تضمن وصول الكتاب إلى يد الطالب قبل بدء الدراسة، لا بعدها بأسابيع، أما عندنا، فقد أصبح التأخير سمة متكررة، تتكرر معها الوعود والتبريرات من دون حلول جذرية.
البرلماني وجه عدة أسئلة للمسؤولين عن الكتاب المدرسي، قائلا: لماذا الإصرار على طباعة الكتاب المدرسي في الخارج؟، هل يعقل أن دولة مثل ليبيا، بتاريخها وثرواتها، لا تمتلك مطابع قادرة على طباعة كتبها الدراسية؟، وحتى إن لم تكن المطابع المحلية مهيأة بالكامل، أليس الأجدر بالدولة أن تستثمر في تطويرها ودعمها بدلًا من تحويل ملايين الدولارات إلى الخارج؟، لافتا إلى أن التمسك بهذا النهج يفتح الباب واسعًا أمام الشبهات: هل المسألة فنية فعلًا، أم مالية ومصلحية بحتة؟.
وقال نصية إن من المؤسف أن الكتاب المدرسي، الذي وُجد ليكون أداة للعلم والمعرفة، تحوّل في نظر البعض إلى وسيلة للإثراء غير المشروع، لافتا إلى أن عقود الطباعة والتوريد تحوّلت إلى سوق مغلقة للمحسوبية والصفقات، وملف الكتاب أصبح عنوانًا للفساد الإداري في وزارة التعليم.
وأضاف النائب أن لعل سقوط أكثر من وزير بسبب هذا الملف يثبت أن القضية ليست مجرد خلل فني، بل خلل في الضمير، لافتا إلى إصلاح ملف الكتاب المدرسي هو اختبار حقيقي لإرادة الإصلاح في الدولة، فحين يصبح الكتاب المدرسي رمزًا للنزاهة والجودة، يمكننا القول إن التعليم يسير على الطريق الصحيح، وإن بناء الوطن قد بدأ فعلاً من مقاعد الدراسة.


