قال موقع العربي الجديد إن البعثة الأممية في ليبيا، عن إطلاق مسار الحوار المهيكل وبدء تلقي الترشيحات لعضوية نحو 120 شخصية ليبية من مختلف الفئات الاجتماعية والمدنية، استعداداً لإطلاقه رسمياً خلال شهر نوفمبر الجاري، باعتباره أحد المكونات الأساسية في خريطة الطريق السياسية، التي عرضتها رئيسة البعثة هانا تيتيه أمام مجلس الأمن في 21 أكتوبر الماضي.

وأضاف الموقع الممول من قطر، أن البعثة أكدت في بيانها مساء أمس الجمعة، أن الحوار يهدف إلى تقديم توصيات وسياسات عملية تهدف إلى تهيئة بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات، وصياغة رؤية مشتركة، ومعالجة دوافع الصراع طويلة الأمد الذي تشهده البلاد منذ 2011.

وأوضح أن في أول ردات الفعل، أصدرت حكومة النواب بيانا حادا، اعتبرت فيه أن البعثة تجاوزت المرحلتَين الأولى والثانية من خريطة الطريق ودخلت مباشرة في المرحلة الثالثة المتعلقة بالحوار المهيكل، دون توضيح مصير الخطوات السابقة الخاصة بإعادة تشكيل مجلس مفوضية الانتخابات ومعالجة الخلافات حول القوانين الانتخابية.

وذكر بيان حكومة حماد: “إن ذلك أدى إلى ضياع التفاؤل بنجاح الخريطة ووأدها قبل أن تبدأ أولى خطواتها، منتقدا قيام البعثة بمخاطبة الجامعات والبلديات مباشرة دون تنسيق مع وزارة الخارجية، معتبرا ذلك تعديا على السيادة ومخالفة لأحكام الاتفاقيات الدولية بشأن العلاقات الدبلوماسية”

وأضاف العربي الجديد أن البعثة تراهن على الحوار المهيكل كـ”نهج آخر”، على حد وصف تيتيه في إحاطتها أمام مجلس الأمن في أكتوبر الماضي، لإكساب العملية السياسية زخما مجتمعيا يمكن أن يشكل ضغطا على مجلسي النواب والدولة الاستشاري المتعثرين حتّى الآن في إنجاز المرحلة الأولى من الخريطة.

وفي قراءته لإعلان البعثة، يرى الباحث في الشأن السياسي أبو بكر معيوش أن إطلاق الحوار المهيكل يمثل خطوة جادّة لإعادة بناء العملية السياسية على أسس أوسع من تجاذب الفرقاء، إذ إن توسيع قاعدة المشاركة بإعادة الاعتبار للفئات المهمشة في صناعة القرار أمر إيجابي، بعدما ظلت العملية السياسية حكراً على قلّة تمارس التفاوض باسم الجميع.

وأضاف معيوش في تصريحات نقلها “العربي الجديد”، أن جدية خطوة البعثة تتجلى في تحديد زمن للحوار يتراوح بين 4 إلى 6 أشهر مسارا موازيا لإعادة تشكيل المفوضية وتعديل القوانين الانتخابية، تمهيدا لتشكيل حكومة موحدة جديدة، ما يعني أن البعثة تهدف الى إدماج الحوار المهيكل في المرحلة الثانية من الخريطة، ما يمنح الحوار قدرا من الترابط المؤسسي ويتيح إنتاج توصيات سياسية يمكن تحويلها إلى خطوات تنفيذية ضمن مشاورات تشكيل الحكومة الموحدة.

في المقابل، يتبنى الناشط الحزبي أرحومة الطبال رأيا مغايرا، إذ يرى أن الحوار المهيكل لا يختلف جوهريا عن سابقاته إلّا في الاسم، لأن أي مسار يتجاوز مراكز القوة المتجذرة على الأرض سيتحول إلى جلسات تشاورية بلا قدرة على التنفيذ وفقا لرأيه.

وتساءل الطبال في تصريح نقله “العربي الجديد”: كيف يمكن للفئات المجتمعية والمدنية فرض توصياتها في الشأنين الأمني والاقتصادي اللذين يمسك بتفاصيلهما أطراف الصراع المسلح؟”، معتبرا أن البعثة لم تتجاوز نمطها التقليدي في إدارة العملية السياسية المتسم بالضبابية، إذ لم تكشف كيف صاغت خريطة الطريق الحالية من بين الخيارات الأربعة التي طرحتها اللجنة الاستشارية، ولم توضح معايير اختيار أعضائها.

وحول عدم التجاوب الليبي حيال إعلان البعثة، يؤكد الطبال أن أغلب المؤسسات والهيئات المجتمعية والمدنية ستدفع بمرشحيها فقط لإثبات الوجود والانخراط في المشهد، أما بالنسبة الأطراف الأساسية، فالحكومة في طرابلس تعتبر مجلس الدولة واجهتها لتوضيح موقفها، ومجلس النواب وحفتر يمثل بيان حماد رأيهما الواضح، وربما يصلح بيان حماد مؤشرا على تجاوز البعثة للواقع، فكيف لها أن تتجاوز حفتر المسيطر على أغلب أجزاء البلاد شرقا وجنوبا، وهو نفسه الذي دعا القبائل قبل أسابيع إلى صياغة خريطة طريق من الداخل ورفض أي مبادرة خارجية؟.

ويعتبر الطبال أن فشل البعثة المستمر في خططها سببه عجز المجتمع الدولي عن فرض التزامات على الأطراف التي رسخت أقدامها في أرضية الصراع والاقتصاد السياسي للأزمة، وهو ما سيجعل الحوار المهيكل مجرد حلقة جديدة من التوصيات غير الملزمة التي تعيد إنتاج الجمود السياسي ذاته.

Shares: