كشف الناشط السياسي حسام القماطي عن ما وصفه بـ”أخطر عملية فساد وتهريب للعملة الصعبة من داخل مؤسسات الدولة “المصرف المركزي'”، تتعلق بصفقة الكتاب المدرسي التي أبرمتها وزارة التربية والتعليم مع شركة حديثة التأسيس تدعى البشير للطباعة والنشر والدعاية والإعلان.

وأوضح القماطي، في منشور مطول عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الشركة المذكورة مملوكة لرجل الأعمال أنور قداد، وقد تأسست حديثًا منذ أقل من شهر واحد فقط برأس مال قدره 30 ألف دينار ليبي، إلا أن وزير التربية والتعليم رضا العابد وقّع معها عقد توريد بقيمة 129 مليون دينار ليبي لطباعة وتوريد الكتب المدرسية.

وأشار القماطي إلى أن الوزير العابد برر في بيان رسمي اختياره للشركة بناءً على “قدرتها المالية”، رغم أن رأس مالها محدود جدًا ولا يتيح لها تنفيذ عقد بهذا الحجم.

وأضاف أن الشركة طلبت تغطية مالية عبر اعتمادات مستندية قيمتها 23.5 مليون دولار أمريكي من مصرف ليبيا المركزي، بحجة استيراد وطباعة الكتب المدرسية.

وبيّن القماطي أن هذه الاعتمادات تم رفع سقفها بناءً على مراسلة صادرة عن إدارة الرقابة على المصارف والنقد بمصرف ليبيا المركزي، ووقّع عليها حمزة عاشور الجعيدي نائب مدير الإدارة، بموافقة عبدالمجيد الماقوري مدير الإدارة، مشيرًا إلى أن ذلك تم دون مراعاة للضوابط القانونية والرقابية.

ووفقًا لما عرضه القماطي، فإن الشركة فتحت الاعتماد لصالح شركة بريطانية تُدعى BSG MENA LIMITED، وهي شركة مسجلة في المملكة المتحدة بنشاط تجاري يتعلق بـالمواد الغذائية واللحوم المجمدة، ولا تمت بصلة إلى مجال الطباعة أو النشر أو التعليم.

وأوضح القماطي أن المالكة للشركة البريطانية هي أمال المهدي قداد، والدة صاحب الشركة الليبية أنور قداد، مما يؤكد – بحسب قوله – أن العملية “عائلية ومنظمة” تهدف إلى تحويل الأموال العامة إلى حسابات خاصة في الخارج.

وأشار إلى أن جزءًا من الأموال يتم تحويله إلى حساب غير مقيم في تونس، ومن هناك يُعاد بيعه كعملة صعبة في السوق الموازية، في عملية وصفها بأنها “منظمة وممنهجة لنهب المال العام وتهريب النقد الأجنبي”.

وأكد القماطي أن الفارق بين السعر الحقيقي لطباعة الكتب والتكلفة المعتمدة يقدر بحوالي 14 مليون دولار، موضحًا أن تكلفة الطباعة الفعلية من إيطاليا لا تتجاوز 9 ملايين دولار، في حين أن الاعتماد الممنوح يبلغ 23.5 مليون دولار.

كما تساءل القماطي عن كيفية سماح مصرف ليبيا المركزي بمنح اعتماد بهذا الحجم لشركة حديثة التأسيس لا تملك سجلًا ماليًا ولا سابقة تعامل مصرفي، وعن مسؤولية مصرف الجمهورية الذي فتح الاعتماد المستندي لصالح الشركة عبر نظام Back-to-Back دون ضمانات مالية كافية.

وأضاف أن من بين المسؤولين عن تمرير هذا الإجراء كل من نوري بوفليجة رئيس مجلس إدارة مصرف الجمهورية، وصديقه محمد حليمة الذي يشغل موقعًا إداريًا بارزًا في المصرف، موجهًا إليهما اتهامات بـ”التغطية على عملية فساد واضحة”.

ووجّه القماطي تساؤلات صريحة إلى ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية بشأن مدى علمهما أو موافقتهما على هذه الصفقة، مؤكدًا أن ما جرى يمثل “تجاوزًا خطيرًا لكل الضوابط القانونية والرقابية”، ومشيرًا إلى أن “الأوراق والمستندات الرسمية بتواريخها وتواقيعها” موجودة لديه وسينشرها للرأي العام قريبًا.

وختم القماطي تصريحه بالقول إن هذه الصفقة لا يمكن اعتبارها مجرد فساد إداري، بل هي “جريمة منظمة تهدف إلى تخريب الدولة وتهريب العملة الصعبة عبر واجهات مصرفية ورسمية”.

ودعا القماطي إلى فتح تحقيق عاجل ومحاسبة كل من تورط في تمريرها، من موظفين في مصرف ليبيا المركزي ومصرف الجمهورية، وصولاً إلى وزارة التعليم.

Shares: