أكدت صحيفة الشرق الأوسط السعودية في تقرير لها أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أثارت موجة من الترقب الحذر عقب إعلانها ملامح ما وصفته بـ«الحوار المهيكل» المقرر عقده الشهر المقبل، في ظل نقاش داخلي واسع حول فرص نجاح المسار الجديد في كسر حالة الجمود السياسي، وما إذا كان يشكل منعطفاً نحو تسوية شاملة أم أنه تكرار لتجارب فاشلة سابقة.
وأوضح المتحدث باسم البعثة الأممية، محمد الأسعدي، في تصريح للصحيفة، أن هناك «ضمانات واقعية لتجنب إخفاقات الحوارات السابقة».
وأشار إلى أن «الحوار المهيكل» سيكون شاملاً لمختلف الأطياف الليبية، وسيُشكل أداة لمحاسبة الأطراف الرئيسية والدفع نحو تحقيق تطلعات المواطنين. وأشار الأسعدي إلى أن البعثة تعمل مع الشركاء الدوليين من أجل تفعيل آليات المساءلة بحق المعرقلين، مؤكداً أن مجلس الأمن سيتلقى إحاطات دورية حول التقدم المحرز والتحديات القائمة، مع إمكانية طلب تدخل مباشر من المجلس عند الضرورة.
كما عبّر «حراك ليبيا الوطن» عن تفاؤله بالحوار المرتقب، واعتبره محاولة لتصحيح المسار بعد اقتناع الأمم المتحدة بأن الأجسام السياسية القائمة استنفدت دورها.
أما المحلل السياسي فرج فركاش، فقد رأى أن إطلاق الحوار الجديد يمثل «محاولة أممية لتغيير قواعد اللعبة» وتوسيع المشاركة لتشمل المجتمع المدني والشباب، مشيراً إلى أنه يشكل «ورقة ضغط على النخب التقليدية التي تحتكر السلطة».
ورغم هذه النبرة المتفائلة، فإن مخاوف عديدة ما زالت قائمة. فقد حذّر رئيس «حزب التجديد»، سليمان البيوضي، من أن أي اتفاق جديد قد يلقى مصير اتفاقي «الصخيرات» و«جنيف» ما لم تتوافر إرادة دولية جادة وضمانات واضحة لتنفيذ المخرجات، مؤكداً أن «العبرة ليست في التوقيع بل في التنفيذ».
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي محمد الأمين أن الخطة الأممية «تكرر نمط إدارة الأزمة لا حلها»، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ما زالت تمارس ما وصفه بـ«الوصاية الناعمة» على العملية السياسية من خلال تحديد الأطراف المشاركة والتحكم في وتيرتها، وهو ما يراه «هيمنة مغلفة بلغة الدعم».
وفي سياق متصل، دعا القيادي النقابي الشاوش أنور، عضو «اتحاد عمال ليبيا»، إلى مشاركة حقيقية للنقابات في الحوار، معتبراً أن تصريحات البعثة الأممية حول المشاركة الواسعة تُقابل بتفاؤل حذر إلى أن تُترجم فعلياً على أرض الواقع.
كما شددت الأحزاب السياسية الليبية على ضرورة إشراكها في أي عملية حوارية مقبلة، معتبرة أن تهميشها يعني تكرار أخطاء الماضي.
وأكد القيادي في حزب «ليبيا النماء» حسام الفنيش، أن الحوار يمثل فرصة لتجاوز إخفاقات سابقة، لكنه حذّر من غياب المنهجية العلمية والضمانات القانونية، مشدداً على ضرورة الفصل بين المسارين الفني والسياسي لضمان نجاح العملية الحوارية.
وفي ختام التقرير، لفت الخبير الاقتصادي محمد الشحاتي إلى أن جوهر الأزمة الليبية يبقى اقتصادياً بالدرجة الأولى، داعياً إلى إطلاق مسار اقتصادي مستقل بقيادة خبراء ليبيين لتوزيع عادل للثروة النفطية والإيرادات العامة، مؤكداً أن «استعادة السيادة المالية شرط أساسي لتحقيق أي استقرار سياسي حقيقي في البلاد».


