قال المرشح لرئاسة الحكومة الليبية عمر الجبالي، إن وجود تضارب واضح بين المبادرة الأممية والمبادرة الأمريكية النشطة حاليًّا، يثير الخشية من أن يتحول المشهد السياسي الليبي إلى ساحة تنافس بين البعثة الأممية التي تسعى لحوار شامل، والولايات المتحدة التي تركز على ترتيبات أمنية وعسكرية.
وأضاف الجبالي في تصريحات نقلها موقع “إرم نيوز” أن هذا التضارب قد ينعكس بشكل بائس على الواقع الليبي، ويؤدي إلى مزيد من الانقسام وتعطيل مسار التسوية.
وأوضح المرشح لرئاسة الحكومة أن الخطر الأكبر يكمن في أن تكون المرحلة القادمة محكومة بسياسات الاستقطاب الإقليمي والدولي، لا بسياسات وطنية تبني الدولة وتعيد الشرعية لمؤسساتها.
وأشار السياسي الليبي إلى أن أي ازدواج أو تنافس بين مبادرتي بولس وتيتيه سيُضعفُ فرصَ التوافق ويزيدُ إرباكَ المشهد السياسي.
وفي تحول لافت، تبدو الولايات المتحدة أكثر ميلاً لتبني مقاربة واقعية في ليبيا، عبر استقبال ممثلين من طرابلس وبنغازي وإبرام صفقات معهما لضمان المصالح الأمريكية العاجلة، إلا أن هذه الخطوة أثارت قلقًا أمميًّا متزايدًا بسبب تضاربها مع الخطة الجديدة الرامية إلى حل الأزمة الليبية المتفاقمة.
وتعمل واشنطن تحت رئاسة دونالد ترامب في عهدته الثانية على الحفاظ على توازن وظيفي بين السلطات الليبية في شرق وغرب البلاد بهدف تأمين تدفق موارد الطاقة وتحقيق الأمن، لإدراكها غياب آليات واضحة تُجبر الليبيين على تقديم تنازلات للقبول بتسوية سياسية عاجلة.
وتعكس تصريحات المستشار الخاص لدونالد ترامب لشؤون أفريقيا مسعد بولس، في مقابلة مع جريدة “لوموند” الفرنسية هذه المقاربة حين أكد رغبة واشنطن في مساعدات أقل وتجارة أكثر، حيث ترتكز سياستهم على 3 ركائز، أولاها: إحلال السلام في جميع مناطق النزاع، خاصة في ليبيا ومنطقة البحيرات الكبرى والسودان ومنطقة الساحل.
أما الركيزة الثانية فهي: الشراكات، وتتمثل سياسة الرئيس ترامب في بناء شراكات مربحة لجميع الأطراف، وتتلخص الفكرة في تشجيع المستثمرين والشركات الأمريكية على الاستثمار في الدول الأفريقية، بدعم كامل من حكومة الولايات المتحدة ومؤسساتها، وقد تم توقيع العديد من المشاريع بالفعل خلال 8 أشهر فقط من ولاية ترامب.
وعندما سئِل بولس عن محل الديمقراطية من السياسة الأمريكية الجديدة قال، إن مقاربتهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، للشعوب حرية اختيار النظام الأنسب لها.
لكن السياسة الأمريكية المنتهجة أثارت قلق المبعوثة الأممية هانا تيتيه، من احتمالات تعريض مبادرتها للانتكاس، فقد أعربت عن أملها في أن تتسق إجراءات الولايات المتحدة مع مسار الأمم المتحدة، ما أظهر وجود تباين في الأولويات بين الطرفين، حيال حل الأزمة الليبية.
ويبدو أن مستشار ترامب للشرق الأوسط، مسعد بولس، عقب نجاح واشنطن في التوصّل إلى اتفاق سلام شامل بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يحاول البناء على هذا النجاح في ليبيا، خاصة أنه التقى ووفده طيفًا واسعًا من المسؤولين من الغرب والشرق الليبي.
وقرأ مراقبون في ذلك رغبة في استطلاع استعدادهم للانخراط في إطار أكثر توازنًا في مبادرة سياسية تحمل أبعادًا جيواستراتيجية تحدّ من التدخلات الخارجية، خاصة الروسية.
وأشارت تيتيه أمام مجلس الأمن إلى إطار زمني عام يراوح بين 12 و18 شهرًا لإنجاز خريطة الطريق التي ذكرت أنها تستند إلى 3 خطوات، هي: إعداد إطار انتخابي قانوني، وتوحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة جديدة وموحدة، وإطلاق حوار مهيكل يتيح مشاركة واسعة لمختلف مكونات المجتمع الليبي.
ونشرت البعثة بضع تدوينات على منصاتها الإلكترونية، أوضحت خلالها أن الخريطة لا تتضمن مواعيد ملزمة، لافتة إلى أن المضي فيها مرهون بتوفر الإرادة السياسية، بحيث يتيح نجاح كل مرحلة الانتقال إلى التالية، وصولًا إلى الانتخابات الوطنية.


