المحللان في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بن فيشمان وسابينا هينبرغ، أكدا أن الانتخابات البلدية الجارية في ليبيا تمثل مؤشرًا مُشجعًا، وقد تُشكل خطوةً ملموسةً نحو شرعية سياسية شعبية جديدة في بلدٍ لا تزال فيه القيادة المؤسسية مُقيدة بسنوات من التنافس والفساد.

وقال المحللان في تحليلٍ نقلته “نوفا الإيطالية، بعنوان “هل يُمكن للانتخابات البلدية أن تُساعد في كسر الجمود السياسي في ليبيا؟”، إن ليبيا عالقة في وضعٍ راهنٍ تُهيمن عليه نخبٌ مُتجذرة مثل عقيلة صالح، وخليفة حفتر، وعبد الحميد الدبيبة الذين يحافظون على السلطة من خلال شبكات المحسوبية والفساد ودعم الجهات الخارجية.

وأضافا أن التصويت المحلي شكلٌ نادرٌ من أشكال المشاركة الشعبية التي يُمكن أن تُوفر المصداقية والتمثيل الحقيقي بعد سنوات من الإيقاف والتأجيل.

ولفت المحللان أن الانتخابات البلدية استؤنفت في نوفمبر 2024 تحت إشراف مفوضية الانتخابات، بمشاركة 58 بلدية، وبلغت نسبة الإقبال 77%، رغم بعض الخروقات المتفرقة، وأسفرت عن انتخاب 426 ممثلاً محلياً، من بينهم أول رئيسة بلدية ليبية.

واستمرت العملية في عام 2025 بجولة ثانية من التصويت، شملت 34 بلدية في غرب البلاد ومع ذلك، علّقت المفوضية الانتخابات في عدة مناطق شرق وجنوب البلاد بسبب تدخل السلطات الأمنية التابعة للحكومة الشرقية.
ومع ذلك، يرى فيشمان وهينبرغ أن استمرار العملية رغم الضغوط، يُظهر مرونة مؤسسية معينة.

في الجهة المقابلة، أكد المحلل جمال الفلاح، أن المشهد السياسي في ليبيا يعكس حالة من الجمود نتيجة استمرار وجود الأجسام الحالية وتشبّثها بالسلطة، إلى جانب التدخلات الدولية التي تدعم بعض الأطراف دون غيرها، ما يعمّق الانقسام ويُبقي على حالة التعطيل السياسي.

وقال الفلاح، في تصريحات نقلتها “سبوتنيك”، إن بعض القوى المهيمنة على الساحة الليبية لا ترغب في إجراء الانتخابات، لأنها تدرك أن أي تغيير في البنية السياسية سيؤثر على مصالحها ونفوذها.

وأضاف أن هذه الأطراف تسعى إلى الحفاظ على الاستقرار الشكلي حفاظًا على مصالحها المشتركة ومصالح الدول الداعمة لها، بينما يبقى المواطن الليبي هو الضحية الحقيقية لهذا الواقع، مشيرا إلى أن هناك فئة من الليبيين تملك حسًا وطنيًا صادقًا، لكنها تواجه تساؤلًا مؤلمًا، كيف يقبل الشعب بهذا الوضع؟ فالمواطن هو من دفع ثمن الجمود والانقسام السياسي.

وبيّن الفلاح أن من يعرقل المشهد السياسي بالدرجة الأولى هي الأطراف المحلية، التي تنفذ أجندات خارجية، لافتًا إلى أن جميع المبعوثين الأمميين الذين تعاقبوا على الملف الليبي أجمعوا على أن الطبقة السياسية الحالية هي جوهر الأزمة، لتمسكها بالسلطة ورفضها لأي تغيير حقيقي.

Shares: