قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي، محمد درميش، إن الاقتصاد في أي دولة يقوم على ثلاثة أنواع من الموارد: الطبيعية والبشرية والمالية، وتفاعل هذه الموارد فيما بينها يولد الثروة، ويقاس مدى استغلالها وفق ثلاثة معايير هي: الكفاءة والفاعلية والكفاية.

وأضاف درميش في تصريح نقلته “سبوتنيك” أن ليبيا تمتلك موارد طبيعية وإمكانات مالية ضخمة، ولا تعاني من شح في الموارد، لافتا إلى أن أبرز مكونات الاقتصاد الليبي، الاحتياطي العام من العملة الصعبة يقدر بنحو 98 مليار دولار، ونحو 146 طنًا من الذهب، وصندوق سيادي برأسمال يبلغ 80 مليار دولار كاستثمارات خارجية.

وأوضح أنه يضاف إلى ذلك عدد من الصناديق والمؤسسات الاستثمارية مثل صندوق الجهاد، صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، شركة الاستثمار الوطني، الأوقاف، جمعية الدعوة الإسلامية، صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق التضامن الاجتماعي وغيرها من المؤسسات ذات رؤوس الأموال الكبيرة بالدولار والدينار.

وأكد الخبير الاقتصادي أن ليبيا تمتلك أيضا فرصا استثمارية كبيرة من خلال الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تتيح تمويل العديد من المشاريع، لافتا إلى أن ما ذكر ما هو إلا قليل من كثير من الموارد الاقتصادية المتاحة في البلاد.

وفيما يتعلق بالموارد الطبيعية، أوضح درميش أن ليبيا تمتلك ساحلا يبلغ طوله أكثر من 1900 كيلومتر، ومصادر طاقة متنوعة، إضافة إلى مساحات زراعية واسعة، وجبال تيبستي الغنية بالذهب والمعادن وفق تقارير مركز بحوث العلوم الصناعية، فضلا عن موقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب العالم الذي يمنحها ميزة في مجالي النقل البحري والجوي.

وأشار إلى أن كل هذه العوامل تعزز قوة الاقتصاد الليبي وقدرته التنافسية، وتتيح له فرصا حقيقية لتنويع مصادر الدخل وخلق بدائل عن النفط والغاز.

وعن معوقات تحقيق التنمية في ليبيا، أوضح أن المشكلة الأساسية تكمن في الانقسامات السياسية والصراعات وعدم الاستقرار بعد عام 2011 وهي السبب الرئيس في تعطيل استغلال الموارد وإدارة شؤون الدولة بفعالية.

وأكد محمد درميش أن السبيل لجعل ليبيا دولة لا تعتمد على إيرادات النفط يكمن في الإدارة السليمة، حيث تمتلك من الموارد الطبيعية والإمكانات المالية ما يؤهلها لتجاوز كل التحديات.

وقال إن الاقتصاد الليبي في جوهره قوي، والمركز المالي للبلاد جيد جدا، وما تحتاجه ليبيا اليوم هو إدارة رشيدة تعرف كيف تدير مواردها وتستثمرها في الاتجاه الصحيح.

وأضاف أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يسهم في خفض التكاليف، إلى جانب تطوير الزراعة والصناعات التحويلية، مؤكدا أن موقع ليبيا الجغرافي المتميز يجعلها مؤهلة لتكون رائدة في مختلف المجالات، لكن النجاح يتطلب فقط إدارة جيدة وكفؤة.

ورغم امتلاك ليبيا مصادر ثروة طبيعية متنوّعة يمكن أن تشكل رافدا اقتصاديا قويا إلى جانب النفط، إلا أن هذه الموارد لا تزال بعيدة عن دائرة الاستغلال الأمثل.

فبينما تعتمد البلاد منذ عقود على النفط كمصدر رئيسي للدخل، تهمل قطاعات واعدة مثل الطاقة الشمسية، والزراعة، والثروة السمكية، والسياحة، والمعادن النادرة.

هذا الاعتماد الأحادي جعل الاقتصاد الليبي هشا أمام تقلبات أسعار النفط والأزمات السياسية، وأضعف فرص تحقيق تنمية مستدامة.

ومع تزايد الدعوات لتنويع مصادر الدخل، يطرح السؤال حول الأسباب الحقيقية وراء غياب استراتيجية واضحة لاستثمار هذه الموارد.

Shares: