قال الباحث المتخصص في الدراسات الأمنية والعسكرية، محمد السنوسي، إن حديث بعض الأطراف الدولية والغربية عن توحيد المؤسسة العسكرية غير واقعي، نظرا لتباين الرؤى بشأن توحيد الجيش الليبي.
وأضاف السنوسي تصريح نقلته «الشرق الأوسط»، أن بعض الأطراف الدولية لا تدرك بدقة طبيعة التعقيدات الأمنية والعسكرية في البلاد، فيما يستفيد آخرون من حالة السيولة الأمنية والاقتصادية إلى حين ضمان مصالحهم مع السلطة القادمة المنتخبة.
وترى الصحيفة أنه رغم تكرار المواقف الأمريكية والأوروبية المؤيدة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، فإن الواقع الميداني يعكس أوضاعاً مختلفة تقود إلى استمرار الانقسام بين غرب البلاد وشرقها.
وأضافت أنه في ظل امتناع عسكريين، ينتمون إلى المؤسسة، عن الخوض في أسباب ذلك، يرى خبراء ومحللون أن الانقسامات المتجذرة في التركيبة العسكرية تتعمق وسط فوضى السلاح وتباين رؤى الأطراف الدولية.
وأوضحت الصحيفة أن الدعم الأمريكي المعلن لتوحيد الجيش الليبي، يبدو واضحا في تصريح القائم بالأعمال الأمريكي لدى ليبيا جيريمي برنت، خلال لقائه وكيل وزارة الدفاع في حكومة الدبيبة، عبد السلام زوبي، إذ أكد دعم واشنطن لتوحيد المؤسسة المنقسم بين غرب ليبيا وشرقها.
وقد عبَّر عن الموقف ذاته خلال اجتماعه مع خالد حفتر في أغسطس الماضي، غير أن هذه المواقف، بحسب مراقبين، لم تُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض.
وأشارت الصحيفة إلى أن المبادرات الأوروبية، بدت هي الأخرى «رمزية»، إذ اقتصر الدعم على مجالات محدودة مثل تدريب 30 مسؤولاً بحرياً من طرابلس وبنغازي ضمن عملية «إيريني» لمكافحة تهريب السلاح، من دون أن تشمل أي برنامج جاد لتوحيد المؤسسة العسكرية.
ويرى الباحث الليبي معمر الكشر أن التدخلات الأجنبية تمثل العقبة الكبرى أمام أي مسار لإعادة هيكلة الجيش الليبي، وعدَّ في دراسة نشرتها الأكاديمية الليبية بمصراتة، أن تلك التدخلات أسهمت منذ عام 2011 في انتشار الميليشيات والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، ما يجعل بناء جيش وطني رهينا بتقليص النفوذ الأجنبي أولا.
وخلال اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الشهر الماضي، أكدت واشنطن وشركاؤها الأوروبيون أهمية «التكامل الأمني» بين شرق ليبيا وغربها؛ لكن الباحث في الأمن القومي فيصل أبو الرايقة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن مجرد الحديث عن التكامل الأمني يبقى في نطاق الأمنيات ما دامت لا توجد حكومة موحدة أو رئيس منتخب.
ورغم أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طرحت هذا الصيف «خريطة طريق» سياسية تقود إلى الانتخابات، فإنها، وفق محللين، أرجأت الملف العسكري المعقد.
فقد ركزت لقاءات المبعوثة الأممية هانا تيتيه مع خليفة حفتر، واجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، على الترتيبات السياسية دون التركيز على توحيد الجيش.