أفاد موقع أفريكا انتلجينس الاستخباراتي في تقرير له أن مصير الجماعة المسلحة التشادية المعروفة بـ”المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية” (CCMSR) ما يزال يمثل قضية شائكة ومعقدة بالنسبة لكل من عائلة حفتر في ليبيا والسلطات الحاكمة في نجامينا.

الموقع أشار إلى أن الجماعة السياسية العسكرية التشادية، المتمركزة في جنوب ليبيا، لا تزال متمسكة بمواقفها الرافضة لأي حوار مباشر مع الحكومة التشادية.

يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس محمد إدريس ديبي جاهداً لاحتواء الاضطرابات في منطقة تيبستي الغنية بالذهب والواقعة على الحدود مع ليبيا.

وأضاف أن هذه الجماعة، التي يقودها محمد إيغري هالي والمنفية في فزان، تُعد الحركة الوحيدة القادرة فعلياً على تغيير موازين القوى في شمال تشاد.

وأكد التقرير أن المفاوضات التي بدأت منذ ستة أشهر في العاصمة الأردنية عمّان، تحت إشراف الأمم المتحدة وبرعاية منظمة “بروميديا” الفرنسية غير الحكومية، تعثرت بسبب تضارب أجندات مختلف الأطراف.

وأوضح أن مجلس القيادة العسكرية، والرئاسة التشادية، والجهات الليبية المتنافسة في الشرق والغرب، إضافة إلى ممثلي اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، جميعهم يسيرون وفق حسابات خاصة، ما جعل مسار الحوار متوقفاً.

وذكر الموقع أن المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية كان، حتى عام 2022، من بين حركتين فقط رفضتا التوقيع على اتفاقية سلام مع نجامينا، إلى جانب “جبهة التناوب والوفاق في تشاد” (FACT).

أشار إلى أن الأخيرة لم تعد نشطة، بينما ما يزال CCMSR يحتفظ بقدرته على العمل الميداني ورفضه لأي تسوية خارج إطار الأمم المتحدة.

وأوضح التقرير أن الجماعة تمتلك ما يقارب ألفي مقاتل مدرّب ومجهز، ينتشرون في مواقع حساسة داخل جنوب ليبيا، أبرزها مطار واو الكبير، إضافة إلى تماسة وجبال كلينجة.

وأشار إلى أن هذه المواقع تقع في مناطق استراتيجية تشكل عقدة لمرور الأسلحة القادمة من الإمارات والمتجهة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في السودان.

وبحسب “أفريكا انتلجينس”، فإن قدرة CCMSR على التحرك في السودان تمنحها ورقة ضغط إضافية في مفاوضات عمّان، حتى لو اضطر قادتها إلى تبديل تحالفاتهم ضد خليفة حفتر، الذي يعتمد عليهم في تثبيت نفوذه بجنوب ليبيا.

وأكد أن حفتر يواجه مأزقاً صعباً، إذ أن قواته تحتاج لهذا التحالف العسكري مع الجماعة التشادية للحفاظ على السيطرة على مناطق التعدين والذهب، لكنه في الوقت نفسه ملتزم بخارطة طريق الأمم المتحدة التي تدعو إلى انسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا.

وأضاف التقرير أن أبناء حفتر، وعلى رأسهم صدام حفتر، هم من يمسكون بخيوط التنسيق مع الجماعات الأجنبية، مشيراً إلى أن صدام وسّع نفوذ اللواء 519 التابع للجيش الليبي بعد إقصاء القائد العسكري حسن الزادمة، الذي كان يشكل منافساً قوياً داخل بنية القيادة ويحظى بعلاقات مميزة مع الإمارات.

كما لفت الموقع إلى أن اللواء 519 بسط سيطرته على جبل كلينجا في أواخر سبتمبر، في خطوة وُصفت بأنها رسالة إلى نجامينا.

وأورد الموقع أن صدام حفتر أجرى في 28 سبتمبر اتصالاً مباشراً مع الرئيس التشادي، لبحث ملف الحدود والوضع الأمني في تيبستي، مشدداً على أهمية التنسيق المشترك بين الطرفين. وفي السياق ذاته، قام رئيس أركان الجيش التشادي، أبكر عبد الكريم داود، بجولة ميدانية في منطقة مناجم الذهب بولاية مسكي، حيث وقع اتفاقيات مع مجموعات محلية للدفاع الذاتي تمهيداً لدمجها ونزع سلاحها.

وختم التقرير بالتأكيد على أن ملف CCMSR بات يشكل تقاطعاً معقداً بين حسابات ديبي الأمنية الداخلية، ومساعي حفتر للحفاظ على نفوذه في الجنوب الليبي، وضغوط الأمم المتحدة الداعية لإنهاء وجود المقاتلين الأجانب. وهو ما يجعل القضية واحدة من أعقد ملفات المنطقة وأكثرها حساسية في المرحلة الراهنة.

 

Shares: