في خطوة تهدف إلى إدارة ملف الهجرة بشكل مباشر، تستعد السلطات الليبية لافتتاح مركز جديد للعودة الطوعية في طرابلس، مع توقعات بانطلاق أولى رحلات الإعادة مطلع الأسبوع المقبل، في مبادرة تخضع لمراقبة دولية مشددة.
أفادت وكالة “نوفا” الإيطالية أن سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا نيكولاس أورلاندو زار موقع إنشاء المركز الجديد الذي قدّمه رئيس اللجنة الفنية للهجرة محمد مرحاني، والذي يهدف إلى تعزيز مسارات العودة بالتنسيق مع سفارات الدول المعنية.
وبحسب مصادر ليبية، يمثل المشروع محاولة من السلطات لإدارة جزء من عمليات الإعادة مباشرةً، إلى جانب البرامج التي تنفذها المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يخضع المرفق – الذي استحوذت عليه جمعية الدعوة الإسلامية – لأعمال تجديد، وسيتم تجهيزه بالخدمات الأساسية ومناطق استقبال مفتوحة ومغلقة، حيث ينتظر المهاجرون المغادرة لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أيام. وقد دعت السلطات المنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية للمشاركة.
وجدد السفير الأوروبي التأكيد على ضرورة احترام جميع العمليات لمبادئ التطوع والمعايير الإنسانية الدولية، مشدداً على “أهمية ضمان أن تكون جميع عمليات العودة آمنة وطوعية، وأن تُنفذ وفقًا للمعايير الإنسانية”.
ورغم أن فكرة نظام وطني لإعادة المهاجرين تُعتبر مشروعة، لا تزال الشكوك تحيط بالتنفيذ، إذ لم يتضح بعد:
• البروتوكولات التي ستُطبّق لضمان المغادرة الطوعية
• آليات تقييم الضعف والحصول على الحماية القانونية
• معايير الرصد المستقل والشفافية
الوكالة الإيطالية أكدت أن مراقبون يرون أن المبادرة قد تشير إلى تحول في نهج السلطات الليبية من مجرد الاحتواء أو الاحتجاز إلى محاولة مأسسة عمليات الإعادة، كإشارة للشركاء الأوروبيين. لكن دون ضمانات ملموسة لحماية حقوق الإنسان، يُخاطر المشروع بتأجيج المزيد من التوترات.
تأتي هذه المبادرة في ظل تصاعد ملحوظ للعنف وحملات الاستغلال السياسي ضد المهاجرين:
• نفذت مديرية أمن صبراتة عملية واسعة ضد العمال الأجانب غير الشرعيين، أسفرت عن اعتقال مئات الأشخاص
• أدان رئيس بلدية مصراتة محمود السقطري أعمال العنف ضد العمال الأجانب والمهاجرين التي اندلعت يوم 26 سبتمبر، واصفاً إياها بأنها “أعمال لا مبرر لها ولا منطق ديني”
• حذر السقطري من خطر استهداف الجالية الفلسطينية، مؤكداً: “مصراتة كانت ولا تزال من أكثر المدن دعمًا لغزة، ولن نسمح أبدًا بالشتائم أو الاعتداءات على الفلسطينيين”
وفقاً لأحدث تقرير من المنظمة الدولية للهجرة، لا تزال ليبيا مركزاً رئيسياً لطرق الهجرة الإقليمية:
• 84% من الوافدين الجدد في الربع الثاني من 2025 جاءوا من ست دول مجاورة
• 31% نيجيريون، 26% مصريون، 17% سودانيون
• 92% يسافرون في مجموعات بمساعدة وسطاء
• 99% من الوافدين الجدد رجال دون سن الثلاثين
• 83% يبحثون عن عمل وظروف معيشية أفضل
• 14% يفرون من الصراعات المسلحة، خاصة الحرب في السودان
ويدفع المهاجرون السودانيون ما يصل إلى 1,000 دولار للمهربين عبر معابر غير رسمية، وهي أعلى رسوم بين طرق الدخول.
وأكدت الوكالة أن نجاح المبادرة الليبية الجديدة يبقى رهناً بمدى التزامها بالمعايير الإنسانية الدولية وقدرتها على توفير ضمانات حقيقية لحماية حقوق المهاجرين في ظل مناخ إقليمي متوتر.

