قال المحلل السياسي الليبي، الدكتور خالد محمد الحجازي، إن تجدد الاشتباكات في جنزور بعد اتفاق معيتيقة يدلّ على أن تنفيذ الاتفاق لا يزال يواجه مقاومات عملية كبيرة، وهو مؤشر على أن عجز حكومة الدبيبة ليس تماماً لغياب الإرادة، بل لضعف أدواتها، ولتعقيد المشهد الأمني والسياسي، وكذلك لطبيعة التشكيلات المسلحة نفسها.
وأضاف الحجازي في تصريحات نقلتها “إرم نيوز” أنّه لا وجود لسلطة كاملة ملموسة على التشكيلات المسلحة في ليبيا وهي ليست قوات موحدة، بل عبارة عن مجموعات عديدة ذات ولاءات محلية وشخصية ومناطقية، بعضها يدّعي الولاء للدولة أو لحكومة الوحدة، لكن عملياً يعمل بشكل شبه مستقل”.
وأوضح المحلل السياسي أن اقتحام مقر كتيبة واستنفارها يبيّن أن هذه التشكيلات تحتفظ بقدرات على المقاومة والحماية الذاتية، مشيراً إلى أن الأمر لا يُدار بالكامل من مركز الدولة، وهذا يعكس أيضاً هشاشة الاتفاقات الأمنية مقابل الواقع الميداني.
وشدد على أن وجود بنود مثل تسليم معيتيقة، وتعيين آمر جديد للشرطة القضائية وغيرها، لا يعني أن هناك آليات تنفيذ قوية وموحّدة، أو أن كل التشكيلات ملتزمة، لافتا إلى أن الدبيبة لا يملك حتى الآن القوة الكافية لفرض التطبيق الكامل على الأرض عندما يعارضها أمنياً طرف مسلّح آخر له نفوذ ومواقع.
الحجازي أشار إلى أن بعض التشكيلات تخدم مصالح محلية أو شخصيّة، وقد تستفيد من الأوضاع الأمنية المربكة، ربما يجد بعض القادة أن التنازل الكامل عن النفوذ يعني خسارة مركزهم أو مصالحهم، وبالتالي قد يقاومون تنفيذ بنود قد تقوّض مواقعهم.
وقال إن الاتفاق يتطلب آليات مراقبة وتنفيذ شفافة، وأحياناً يُثار الشك في أن التشكيلات المسلحة التي تتنازل عن جزء من مصالحها قد تحصل على تنازلات مقابل ضمانات غير معلنة مثل عدم ملاحقة أعضاء معينين قضائيا، أو مكاسب سياسية.
وأضاف أن تجدد الاشتباكات في جنزور يعكس أن أوراق الاتفاق المفصليّة لا تكفي دون بناء قدرات تنفيذية ضمن الحكومة وداخل أجهزة الأمن المعتمدة، ووجود التشكيلات المسلحة كطرفٍ أمني فاعل لا يزال يُشكّل تحدياً كبيراً لقدرة الدولة على السيطرة الفعلية، خاصة في المناطق المحيطة بالعاصمة”.
وأثار تجدد الاشتباكات في مدينة جنزور الواقعة غرب ليبيا بعد اقتحام القوة المشتركة التابعة لمحمود بوجعفر مقر الكتيبة السادسة، بقيادة منير السويح، الواقع عند جسر 17، تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يعكس عجز حكومة عبد الحميد الدبيبة عن فرض الأمن.
وكانت حكومة الدبيبة قد توصلت إلى اتفاق “معيتيقة” منتصف شهر سبتمبر الجاري مع جهاز الردع من أجل وضع ترتيبات أمنية في غرب البلاد وهو اتفاق رعته أنقرة.


