طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية السلطات الليبية، وبشكل خاص الجهات المسيطرة في شرق ليبيا، بفتح تحقيق عاجل وشفاف بشأن مصير عضوَي مجلس النواب الليبي، سهام سرقيوة وإبراهيم الدرسي، بعد انتشار صور ومقاطع فيديو مؤلمة تُظهر تعرّضهما لسوء معاملة واحتجاز قسري في ظروف قاسية.
وقالت المنظمة في بيان لها اليوم، إن هذه المواد المصوّرة، التي بدأت بالانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية، عززت المخاوف بشأن سلامة النائبَين، اللذين فُقدا في بنغازي بعد اختطافهما على يد مسلحين مجهولين.
وأكدت المنظمة أن سهام سرقيوة، النائبة عن بنغازي، اختُطفت من منزلها في يوليو 2019 من قبل مسلحين ملثمين، بعد أيام من تصريحات علنية ناقدة للنفوذ العسكري في شرق ليبيا.
وأضافت المنظمة أن إبراهيم الدرسي، اختفى في مايو 2024 بعد حضوره مناسبة اجتماعية في بنغازي، دون أي إعلان رسمي عن مصيره حتى الآن.
وفي أحدث تطورات الملف، ظهرت صورة في أغسطس 2025 يُعتقد أنها تُظهر سرقيوة تتعرض للاعتداء الجسدي، بينما انتشر في مايو الماضي مقطع فيديو يُظهر الدرسي عارياً ومقيداً بالسلاسل، يطلب فيه إثبات براءته في ما يبدو أنه زنزانة انفرادية.
وفي رد رسمي على استفسار هيومن رايتس ووتش، قالت قوات حفتر إنها لا تختص بإجراء تحقيقات جنائية، زاعمة أنها ستحيل أي فرد من قواتها يثبت تورطه إلى النيابة العامة.
أما جهاز الأمن الداخلي في بنغازي، فزعم أن فيديو الدرسي “مزيّف باستخدام الذكاء الاصطناعي”، إلا أن مراجعة الخبراء لم تجد دليلاً قاطعًا يؤكد هذا الادعاء.
وقالت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إنه على السلطات والقيادة العسكرية في شرق ليبيا أن تبذل قصارى جهدها لمعالجة حالات الاختفاء القسري.
وأضافت أنه لأسر المفقودين الحق في معرفة مصير أحبائهم والحصول على العدالة”.
ووجهت المنظمة نداءً إلى النائب العام الليبي، الصديق الصور، بضرورة الكشف عن الخطوات التي اتخذها مكتبه في التحقيق في القضيتين، إلى جانب توضيح عدد قضايا الاختفاء القسري التي يجري التحقيق فيها حاليًا، وما إذا كان قد تم محاسبة أي من الجناة.
وتشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن حالات الاختفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أصبحت ظاهرة ممنهجة في ليبيا، خاصة في ظل غياب دولة القانون والانقسام السياسي الحاد.
وتتحمل الجماعات المسلحة، سواء في الشرق أو الغرب، مسؤولية كبيرة عن هذه الانتهاكات وسط إفلات شبه كامل من العقاب.
وكانت الأمم المتحدة قد أشارت في بيان سابق إلى أن الاختفاء القسري بات ممارسة شائعة، وأن مراكز الاحتجاز غير الرسمية ما زالت تعجّ بالتعذيب والحبس الانفرادي والحرمان من المحاكمات العادلة.
ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات الليبية إلى التحقيق في صحة المواد المنشورة، وتحديد مكان النائبين، مع الكشف العلني عن مصير جميع المختفين قسريًا، وضرورة محاسبة المتورطين، أياً كانت انتماءاتهم.
واختتمت صلاح تصريحها بالقول: “لا يمكن أن يكون نظام العدالة المتعثر ذريعة لتطبيع الاختفاء القسري، لافتة إلى أن السكوت عن هذه الجرائم هو تواطؤ صريح فيها”.