قال الناشط الحقوقي حسام القماطي، إن السودان قدّم الأسبوع الماضي، وثائق إلى مجلس الأمن يتهم فيها الإمارات رسميا بتجنيد ونقل مرتزقة كولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع (RSF) عبر ليبيا.

القماطي أضاف عبر “فيس بوك” أن الأدلة التي قدمت مستنديا تُظهر أن المقاتلين نُقلوا من الإمارات إلى الصومال ثم إلى مدينة بنغازي في ليبيا، تحت إشراف ضباط موالين لخليفة حفتر، قبل دخولهم السودان عبر تشاد.

الناشط أوضح أن الحكومة السودانية قدرت عددهم بين 350 و380 شخصًا، معظمهم عسكريون كولومبيون متقاعدون، جرى التعاقد معهم عبر شركات أمنية خاصة في الإمارات مثل Global Security Services Group (GSSG) و A4SI التي أسسها عقيد كولومبي متقاعد.

المرتزقة وحسبما نقل القماطي، والذين أعلن عن عملهم كحراس أمن، انتهى بهم المطاف في وحدة قتالية تُعرف باسم “ذئاب الصحراء”.

وأكد القماطي أن هذا الأمر مرتبط بمجموعة عمليات اعتراض لسفن وتتبع لشحنات أسلحة نقلت عبر ليبيا وتم إيقاف بعضها في عرض البحر، حيث تم إخطار لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بهذه التجاوزات.

وفي أغسطس الماضي، وجّهت القوات الجوية السودانية ضربة محكمة إلى مطار نيالا في إقليم دارفور، حيث استهدفت طائرة كان على متنها أكثر من أربعين من مرتزقة كولومبيين، كانوا يتوجهون للانضمام  إلى القتال مع قوات الدعم السريع المتمردة.

محتوى هذا الخبر، على الرغم من أنه قد يبدو غريبا على بعض الأسماع، إلا أن قتال المرتزقة في صفوف قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش الوطني السوداني، هو أمرٌ قائم منذ اندلاع الحرب، ولا يقتصر على مقاتلي أمريكا اللاتينية، بل هناك أعداد غفيرة من مقاتلين أفارقة من تشاد والنيجر ومالي وافريقيا الوسطى، وعناصر تابعة لشبكات تهريب السلاح، يعملون لصالح أمراء حرب الدعم السريع.

وجود هذه الأعداد الهائلة من المرتزقة، أحد أبرز الأسباب التي تعيق الحسم العسكري أمام الجيش السوداني، في صراعه مع قوات الدعم السريع المتمردة، وتطيل أمد الحرب، وبتمويل من أطراف إقليمية لها أجنداتها في ذلك البلد الذي أنهكته الحرب.

المرتزقة جزء رئيسي من معادلة الصراع، ووجودهم يرتبط بشكل مباشر ببنية الحرب وبتشابكات إقليمية ودولية، وليس مجرد تفصيلة جانبية من تفاصيل الأزمة، وليس مجرد عنصر مساعد، بل هو رافعة أساسية في بقاء وتوسع قوات الدعم السريع، تتيح لها تعويض الخسائر البشرية والنقص العددي، وتدعم قدراتها القتالية، بما لدى هؤلاء المرتزقة من خبرات قتالية في حرب العصابات وقتال الصحراء، واستعدادهم كذلك لتنفيذ مهام قذرة، دون أن تكون لها صلة رسمية بقوات الدعم السريع.

وجود المرتزقة في الحرب داخل السودان كارثة بكل المقاييس، فقتالهم إلى جانب قوات حميدتي، لا يقيم صلب قوات الدعم السريع لإطالة أمد الصراع فحسب، بل يحول هذا البلد المنكوب إلى ساحة حرب مفتوحة تدار بالوكالة لأطراف إقليمية ودولية، ويعزز المخاوف من استخدام هؤلاء المرتزقة ضمن أجندات خارجية، لإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في القرن الافريقي.

وجود هؤلاء المرتزقة في السودان يغرق البلاد في الفوضى والعنف والانفلات الأمني، لأن هذه المجموعات لا تخضع لهيكل قيادي واضح، ولا تتقيد بأخلاقيات الحروب، وتتصرف باستقلالية تامة، ومن ثم تستهدف المدنيين بالنهب والسرقة والاغتصاب، دون اعتبارات للحسابات السياسية.

ومن جانبها، نفت الإمارات صحة الإدعاءات التي روجتها حكومة بورتسودان بأن القوات السودانية دمرت طائرة إماراتية كانت تقل مرتزقة كولومبيين في جنوب دارفور.

فيما دعا مسؤول إماراتي الخرطوم إلى تقديم أدلة على ذلك وهو أمر مستحيل، بالنظر إلى أن فريق قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان دأب على إطلاق مثل هذه المزاعم دون أي حجج.

وذلك قبل أن تقدم السودان الأسبوع الماضي، وثائق إلى مجلس الأمن يتهم فيها الإمارات رسميا بتجنيد ونقل مرتزقة كولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع (RSF) عبر ليبيا.

Shares: