تلقى قسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق بمؤسسةحقوق الإنسان في ليبيا، مذكرة شكوى بشأن واقعة تعرض المواطن أحمد جماعة قرين، ليبي الجنسية والبالغ من العمر 26 عاماً، لعملية اختطاف وتعذيب جسدي مبرح من قبل عناصر جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وقعت الحادثة يوم الأربعاء الموافق 27/8/2025 عند الساعة الثانية ظهراً، حيث تم اعتقال المواطن أثناء وجوده على الطريق العام بالقرب من جزيرة الفرناج، نتيجة الاشتباه فيه بأنه يقوم بتصوير مرور رتل مسلح لجهاز الردع أثناء مرورهم من المنطقة، في وقت كان فيه الضحية يتوقف على الطريق العام في انتظار سيارة أجرة.
تم نقل المواطن إلى مقر جهاز الردع الكائن بجوار جامعة ناصر (طرابلس ب)، حيث بقي طوال اليوم رهن الاعتقال التعسفي والتعذيب الجسدي، وفقاً للمعلومات الأولية المتوفرة حول الواقعة كما تضمنتها مذكرة الشكوى.
بعد ذلك، قام عناصر الجهاز بالاتصال بأهل الضحية وذويه لاستلامه وهو في حالة صحية حرجة جراء ما تعرض له من تعذيب، مما استدعى نقله إلى أحد المرافق الصحية لتلقي العلاج، حيث تبين أنه أُصيب بكسور في إحدى قدميه مع آثار ظاهرة للتعذيب على جسده ووجهه.
قام مكتب الشؤون القانونية، وقسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق، وقسم الشكاوى والبلاغات بالمؤسسة بتوثيق الواقعة، وسيتم إحالة موضوع الشكوى إلى المستشار النائب العام لطلب فتح تحقيق شامل في ملابسات الواقعة وضمان ملاحقة المتهمين بارتكابها وتقديمهم إلى العدالة.
أكدت المؤسسة أن ملابسات الواقعة المشار إليها تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ومخالفة جسيمة لصلاحيات ومهام واختصاصات الأجهزة الأمنية وإساءة لاستعمال السلطة، أدت إلى إيقاع ضرر جسدي ونفسي بليغ بحق الضحية.
وأوضحت أن الواقعة تمثل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان والمواطنة ولسيادة القانون والعدالة، والتي تكفل حماية المواطنين وسلامتهم الشخصية والجسدية، بالإضافة إلى أن ما تعرض له الضحية من تعذيب جسدي ونفسي يشكل أيضاً جريمة حجز الحرية وجريمة التعذيب، والتي يعاقب عليها القانون طبقاً لما نص عليه القانون رقم (10) لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز.
اعتبرت المؤسسة أن هذه الأفعال والممارسات تُعد ضرباً من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وفقاً لما أقرته الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الصادرة سنة 1984، والتي صادقت عليها وانضمت إليها دولة ليبيا في سنة 1989.
شددت المؤسسة على أن ارتكاب جريمة التعذيب الجسدي أو النفسي جريمة يعاقب عليها القانون طبقاً لما نص عليه قانون العقوبات الليبي وكذلك القانون رقم (10) لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز، مؤكدة أن هذه الممارسات ممنوعة ومحظورة وأن قانون العقوبات الليبي يُجرم المساس بشخصية الإنسان وحرمة جسده.
وأوضحت أن النصوص القانونية الوطنية والدولية كفلت حماية الحق في الحياة والسلامة الشخصية، كما وردت جملة من التدابير التي تتعلق بمعاملة السجناء وكيفية كفالة حقوقهم للمثول أمام القضاء بشكل قانوني يمنع على أي جهة كانت الحط من الكرامة الإنسانية والمساس بها وهدر الحقوق وخرق القانون.
المؤسسة الحقوقية طالبت المستشار النائب العام بفتح تحقيق شامل في ملابسات الواقعة واستجلاء كامل المعلومات والأدلة والظروف المتعلقة بها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتهمين بارتكابها، بما يكفل حق الضحية في الوصول إلى العدالة وإنصافه من خلال ضمان ملاحقة المتهمين في ارتكاب هذه الجريمة وتقديمهم إلى العدالة ومحاسبتهم، تحقيقاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.
حملت المؤسسة المسؤولية القانونية الكاملة للجهة المتورطة في ارتكاب هذه الممارسات الإجرامية، مؤكدة أنها من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
وأشارت إلى أن ارتكاب جرائم التعذيب بحق المواطنين يُعد من الجرائم ضد الإنسانية طبقاً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني، وأن هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة، والتي تكون ذات نمط وسلوك ممنهج وعلى نطاق واسع، تخضع إلى ولاية المحكمة الجنائية الدولية والآليات القضائية الوطنية والدولية.