أكدت وكالة نوفا الإيطالية في تقرير مفصل أن دبلوماسية الطاقة باتت تشكل قوة دافعة للمصالح الجيوسياسية الأمريكية في ليبيا، حيث تستخدم واشنطن قطاع الطاقة كمحرك أساسي لتعزيز نفوذها في البلاد.

وأشارت الوكالة إلى أن هذا النهج يمثل الثابت الذي يُشكل موقف الولايات المتحدة تجاه ليبيا منذ عدة أشهر، خاصة في ظل معاناة البلاد من نقص في البنية التحتية لقطاعها النفطي.

وفي هذا السياق، أعلنت مؤسسة النفط الليبية عن استعدادها لتنظيم أول منتدى ليبي أمريكي للطاقة بالتعاون مع شركة “فريدوم فيرست” الأمريكية، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع الشراكات والاستثمارات في قطاع المحروقات.

ويهدف المنتدى، المقرر عقده قريبا في ليبيا، إلى دعم مستقبل واعد للطاقة المستدامة والتعاون في نقل المهارات وتوطين المعرفة التقنية والتكنولوجية.

وسيجمع الحدث نخبة من ممثلي ومندوبي كبرى شركات النفط والغاز الأمريكية، إلى جانب نخبة من المستثمرين ونظرائهم من قطاعي الطاقة الليبيين العام والخاص.

وتُعد “فريدوم فيرست” شركة أمريكية متخصصة في جمع رأس المال من صناديق الاستثمار وتوجيهه نحو اقتصادات الدول الناشئة، وتحديداً قطاع الطاقة، لمعالجة نقص البنية التحتية، مما يتيح للدول المستفيدة فرصة تحسين أنظمة الطاقة لديها.

وأوضح تقرير وكالة نوفا أن إعلان اتفاق عقد منتدى الطاقة يُعد أحدث حلقة في سلسلة جهود الولايات المتحدة الدبلوماسية الاقتصادية، سعيا منها للاستفادة من قطاع الطاقة لإعادة التواصل مع هذه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.

وفي 5 أغسطس الماضي، أعلنت شركة الطاقة الأمريكية إكسون موبيل عودتها إلى ليبيا بعد غياب دام عشر سنوات، حيث وقعت مذكرة تفاهم مع المؤسسة الوطنية للنفط لإجراء دراسة جدوى فنية لأربعة حقول بحرية تقع على الساحل الشمالي الغربي وبالقرب من الحوض البحري لمدينة سرت الليبية.

وتهدف الاتفاقية إلى إجراء دراسة جيولوجية وجيوفيزيائية لتحديد كمية الموارد الهيدروكربونية الكامنة تحت الجزء المحدد من البحر.

كما أشارت الوكالة إلى أنه في يوليو الماضي، تم التوصل إلى اتفاق بين شركة هيل إنترناشونال الأمريكية وشركة مليتة للنفط والغاز، وهي مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني الإيطالية.

وينص الاتفاق على الإدارة المشتركة للبنية التحتية للطاقة البحرية (أ) و(هـ) قبالة سواحل مدينة الزاوية، على بُعد 50 كيلومتراً غرب طرابلس.

وأكد تقرير وكالة نوفا أن الاتفاقيات التي توصلت إليها الشركات الأمريكية في ليبيا حظيت بدعم سياسي واضح من مسعود بولس، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أفريقيا.

وقد قام المسؤول الأمريكي بزيارة رسمية إلى ليبيا أواخر يوليو، حيث التقى بممثلين عن حكومة الوفاق الوطني في طرابلس والسلطات السياسية والعسكرية في شرق البلاد، بمن فيهم خليفة حفتر.

وفي تعليقه على عودة شركة إكسون موبيل إلى السوق الليبية، صرح المبعوث الأمريكي بأن اتفاقية الطاقة الموقعة مؤخراً تُمثل “خطوة هامة نحو التعاون في مجال الطاقة والتقدم الاقتصادي بين ليبيا والولايات المتحدة”.

وخلصت وكالة نوفا إلى أن إدارة ترامب تبدو وكأنها تختار موقفاً أكثر براغماتية وواقعية، يركز على فتح قنوات دبلوماسية للتوصل إلى اتفاقيات اقتصادية وطاقية.

وتُظهر الاتفاقيات الأخيرة التي وقّعتها شركات الطاقة الأمريكية، وآخرها نبأ انعقاد منتدى الطاقة الليبي الأمريكي، اهتمام الولايات المتحدة بالتأثير الجيوسياسي في المنطقة.

وأوضح تقرير الوكالة أن واشنطن تبدو الآن أكثر ميلاً لاستخدام أداة القوة الناعمة المتمثلة في دبلوماسية الطاقة لترسيخ مكانتها كعامل رئيسي في المعادلة السياسية للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، في سياق تسعى فيه قوى مثل روسيا والصين وتركيا إلى استغلال عدم الاستقرار السياسي لملء فراغات السلطة.

وختمت الوكالة تقريرها بالإشارة إلى أن تورط الولايات المتحدة في ليبيا أصبح راسخاً، مع النتيجة الحتمية المتمثلة في اهتمام متجدد من جانب واشنطن بالملف المتعلق بإعادة توحيد الحكومتين الليبيتين.

Shares: