سلطت صحيفة العربي الجديد الضوء على جهود ليبيا الوقائية والعلاجية لمكافحة أزمة لدغات العقارب، وتوفير الأمصال بعد غيابها لسنوات، واستجابة لمناشدات الأهالي إزاء تزايد العقارب داخل المزارع والتجمعات السكنية وملاعب الأطفال.

وقالت الصحيفة إن الساحة الليبية تشهد هذا العام تحسنا ملموسا بالتعاطي مع أزمة لدغات العقارب السنوية، خاصة في المناطق الجنوبية التي عانت خلال السنوات الماضية من ارتفاع أعداد الوفيات والإصابات، وسط غياب تام للأمصال المنقذة للحياة، ما دفع السكان حينها إلى تنظيم وقفات احتجاجية متكررة للمطالبة بدعم المستشفيات والمراكز الصحية.

وأضافت الصحيفة أن حكومة الدبيبة أعلنت توزيع دفعات من أمصال سم العقارب على 132 مرفقاً صحياً في جنوب وشرق وغرب البلاد، وفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة عن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، في محاولة لسد العجز الذي عانت منه المستشفيات خلال الأعوام الماضية.

الصحيفة أشارت إلى أن حكومة حماد في الشرق دشنت حملات ميدانية موسعة لمكافحة انتشار العقارب في مناطق عدة، حيث نفذت الشرطة الزراعية التابعة لها، حملة واسعة شملت مناطق تراغن، مزرق، أوباري، أم الأرانب، وغدوة في عمق الجنوب الليبي.

العربي الجديد نقلت ما صرح به المبروك زيدان، أحد أفراد الشرطة الزراعية المشاركين بالحملة، أن الحملة جاءت استجابة لمناشدات الأهالي إزاء تزايد العقارب داخل المزارع، وحتى داخل التجمعات السكنية، واعتمدت خطة متدرجة، شملت في المرحلة الأولى توزيع مبيد حشري على المنازل الواقعة داخل المزارع والمناطق القريبة من بؤر انتشار العقارب، فيما استهدفت المرحلة الثانية رش المواقع التي تكثر فيها مكبات القمامة وركام المباني والمواقع المهجورة.

وأوضحت الصحيفة أنه رغم الجهود الوقائية والعلاجية، لا تزال تقارير البلديات تسجل إصابات، لكن بآثار أقل، خصوصاً مع توفر الأمصال.

مستشفى بني وليد العام الواقع شمال غربي البلاد أكد أن قسم الإسعاف والطوارئ استقبل 62 حالة إصابة بلدغات العقارب خلال يوليو الماضي وحده، وفي الجنوب سجلت مستشفيات سبها والكفرة وتراغن وأوباري العديد من الحالات، كان آخرها 30 حالة لدغ في صفوف الأطفال وكبار السن خلال النصف الثاني من يوليو بمدينة أوباري، توفي منها طفلان، فيما جرى إنقاذ حياة الآخرين بفضل التدخل السريع وتوفر الأمصال المضادة للسم.

وبينت الصحيفة أن أزمة العقارب في ليبيا تتصل بالظروف المناخية خاصة في الجنوب، إذ خلال الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في المناخ شبه الصحراوي، تشهد بلدات الجنوب مثل سبها وأوباري وغات والكفرة انتشارا للعقارب.

وقال زيدان إن أنواع العقارب تفوق العشرة، نقلاً عن متطوعين بمجال مقاومة انتشار العقارب، موضحا أن العقارب تنتشر بشكل كثيف في البيوت الطينية والأحياء السكنية المكشوفة، ما يزيد حجم المخاطر بسبب كثرة المارّة فيها، أو بسبب احتوائها ساحات للعب الأطفال، ما قد يسجل إصابات محتملة، خصوصاً في صفوف الأطفال.

ومن بين الجمعيات التي نشطت بشكل كبير بمقاومة أزمة العقارب، مركز “نور العلم” الذي دشنته متطوعة بمدينة أوباري، وقادت من خلاله حملات التوعية ومقاومة العقارب وإنقاذ المصابين بإمكانات محدودة.

وشدد زيدان على أهمية دور المتطوعين المدرّبين في نجاح حملات مقاومة العقارب، بسبب خبرتهم المتراكمة خلال الأعوام الماضية، وجهودهم الحثيثة في إطار توعية المواطنين بشأن طرق الاستخدام الآمن للمبيد أثناء رشه داخل المناطق، للحد من المضاعفات الصحية أو البيئية لهذه المبيدات.

ودعا أولياء الأمور إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر بشكل دائم تجاه أطفالهم، خصوصاً أنّ الأطفال ينجذبون إلى اللعب في المساحات القريبة من المنازل الطينية، وفي المزارع التي يكثر فيها تحرك العقارب ولا سيما في الفترة المسائية.

ونبه إلى أن بعض الأهالي يحاولون التعامل مع الإصابة بطرق الإسعاف الفوري، ما يفوّت فرصة إنقاذ حياة المصاب من قبل الأطباء، مناشدا أصحاب المزارع إبلاغ الفرق الميدانية بشكل فوري عند عثورهم على بؤر تكاثر العقارب في أراضيهم، محذراً من المجازفة الشخصية عبر محاولة القضاء على هذه البؤر من دون القضاء على أعشاشها بواسطة المبيدات المتوفرة لدى الفرق الميدانية.

Shares: