أصدرت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي بياناً مفصلاً ترد فيه على شركة البريقة لتسويق النفط، متهمة إياها بمحاولة تضليل الرأي العام بشأن التسريب الخطير لبيانات المواطنين عبر منظومة توزيع غاز الطهي، ومطالبة الجهات المختصة بإجراء تحقيق جنائي رقمي في القضية.
وأكدت الهيئة في بيانها الصادر اليوم، الأحد 10أغسطس 2025، أنها تابعت الرد الذي أصدرته شركة البريقة بعد صمت تجاوز العشرين ساعة، واصفة الرد بأنه “جاء متأخراً ومحاولاً الالتفاف على جوهر المشكلة، بدلاً من الاعتراف بالخطأ الجسيم وتحمل المسؤولية الكاملة.”
ورفضت الهيئة محاولة الشركة تبرير ما حدث بأنه يهدف إلى “تسهيل الإجراءات على المواطن”.
وأكدت الهيئة أن “الغاية الشريفة لا تبرر الوسيلة الخاطئة التي تنتهك القوانين وتمس بأمن المواطنين وخصوصيتهم.”
وقدمت الهيئة ما اعتبرته الدليل القاطع على صحة اتهاماتها، مشيرة إلى أن شركة البريقة قامت ظهر الأحد بتعديل منظومتها بشكل عاجل، حيث أصبح الحصول على إيصال موعد استلام أسطوانة الغاز يتطلب إدخال رقم القيد، بدلاً من رقم الحجز الذي كان يكشف بيانات المواطن لأي شخص يحصل عليه.
وأكدت الهيئة أن “هذا التعديل، الذي جاء بعد أكثر من عشرين ساعة من الصمت على بيان الهيئة، لهو خير دليل وإقرار ضمني بوجود الخلل وخطورته.”
واتهمت الهيئة شركة البريقة بأنها “استغرقت كل هذا الوقت ليس لصياغة رد مقنع، بل للعمل على تغيير وبرمجة منظومتها لإخفاء الثغرة التي كانت أساس المشكلة، ولم تصدر بيانها إلا بعد أن تأكدت من إتمام التعديل التقني.”
وطالبت الهيئة ثلاث جهات رسمية بإجراء تحقيق جنائي رقمي في القضية، وهي:
- مكتب النائب العام
- الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات
- جهاز المباحثالجنائية
وأكدت الهيئة أن “البيانات الشخصية للمواطنين هي ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وأن عرض ونشر بيانات المواطنين الشخصية يعد اعتداءً على حقهم في الخصوصية، ويهدد الثقة اللازمة لعملية الانخراط في الاقتصاد الرقمي.”
وحددت الهيئة ثلاث نقاط محورية في اتهامها لشركة البريقة:
أولاً: أن تغيير آلية عمل المنظومة هو اعتراف صريح بوجود ثغرة أمنية خطيرة كانت تعرض بيانات المواطنين للخطر.
ثانياً: أن الصمت الطويل للشركة لم يكن بهدف دراسة الموقف، بل كان لترقيع الخلل التقني قبل مواجهة الرأي العام، مما يضاعف من مسؤوليتها الأخلاقية.
ثالثاً: أن تعديل المنظومة لا يمحو حقيقة أن بيانات آلاف المواطنين كانت متاحة لمن أراد الوصول إليها خلال الفترة الماضية.
وختمت الهيئة بيانها بالتأكيد على أن:
– الإجراء المتأخر من الشركة لا يعفيها من المسؤولية الكاملة عن الأضرار المحتملة التي قد تلحق بالمواطنين نتيجة هذا التسريب.
– تحذر كافة الجهات والمؤسسات العامة والخاصة من التهاون في حماية البيانات الوطنية، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الليبي.
وأكدت الهيئة أنها ستواصل متابعتها الحثيثة لهذه القضية، وستتخذ كافة الإجراءات التي يخولها لها القانون لضمان محاسبة المقصرين وحماية حقوق المواطنين.
تأتي هذه التطورات في قضية تسريب البيانات الشخصية عبر منظومة توزيع الغاز في إطار جدل أوسع حول حماية البيانات الشخصية في ليبيا، وسط مطالبات بتشديد الرقابة على الأنظمة الرقمية الحكومية وضمان التزامها بمعايير الأمن السيبراني.
وتشهد القضية تصعيداً متزايداً مع تبادل الاتهامات بين الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي وشركة البريقة، مما يثير تساؤلات حول مدى فعالية آليات حماية البيانات في المؤسسات الحكومية الليبية.


