أكد تقرير نشره موقع “إرم نيوز” الإماراتي أن الإعلان الأممي حول إشراك الشعب الليبي في إعداد خارطة طريق سياسية جديدة قد أثار ردود فعل متباينة في الشارع السياسي الليبي، تراوحت بين التشكيك والتحفظ على تحركات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL).

ويأتي هذا التطور قبل أسبوعين من الموعد المحدد لتقديم خارطة الطريق المرتقبة إلى مجلس الأمن الدولي في 21 أغسطس الجاري، في خطوة تهدف إلى كسر الجمود السياسي المستمر في البلاد منذ سنوات.

شدد التقرير على أن المبعوثة الأممية الخاصة إلى ليبيا، هانا تيتيه، أطلقت سلسلة من الجولات الإقليمية شملت عدة دول، وذلك قبل أقل من أسبوعين على الإعلان المرتقب لتفاصيل خارطة الطريق الجديدة.

وتؤكد تيتيه أن شرعية هذه الخطة “مستمدة من الإرادة الشعبية” لكسر الجمود السياسي في ليبيا، مشيرة إلى أن الخطة ستتضمن جدولاً زمنياً واضحاً للتنفيذ.

في تصريحات صحفية، أوضحت المبعوثة الأممية أن “بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تتبع نهجاً تصاعدياً: فنحن نسعى للوصول إلى جميع الليبيين”، مؤكدة التزام البعثة بالشمولية في العملية التشاورية.

وأضافت تيتيه: “لتحقيق ذلك، نحتاج إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الناس لتقديم خطة تُقرّها الإرادة الشعبية”، في إشارة إلى الرغبة في إضفاء الشرعية الشعبية على أي مخرجات سياسية مستقبلية.

كجزء من هذا التوجه، أطلقت البعثة الأممية استطلاعاً للرأي يهدف إلى جمع أكبر عدد ممكن من آراء وتفضيلات الشعب الليبي بشأن المستقبل السياسي للبلاد، حيث تلقت حتى الآن أكثر من 15 ألف رد من المواطنين الليبيين.

في هذا السياق، ردّ الباحث السياسي إدريس بوفايد، عضو مجلس الدولة، على تصريحات رئيسة بعثة الدعم الأممية، قائلاً إن “إرادة الوصول إلى جميع الليبيين التي تتحدث عنها لا تتحقّق بالصورة الصحيحة والسليمة إلا من خلال استفتاء شعبي شفّاف، وليس من خلال استطلاع رأي بضع آلاف من المواطنين”.

كما يرى بوفايد أن “شرعية الإرادة الشعبية” التي تسعى البعثة للوصول إليها هي نفس “شرعية الإرادة الشعبية” التي ضربت بها عرض الحائط، والمتمثّلة في انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور شعبياً.

ولفت الباحث في تصريحه لـ”إرم نيوز” إلى أن الاستماع لآراء جميع الأطراف المعنية في المجتمع الليبي، رغم هلاميته، يُعدّ أقل تمثيلاً للإرادة الشعبية من استطلاع بضع آلاف من الليبيين، مع تباين وتضارب مواقف هذه الأطراف بين الغثّ والسمين، من جادّ ومُعرقل وصاحب مصلحة.

وأشار إلى أن هذه مسألة لا تتعدّى كونها محاولة غير عقلانية للجمع بين المتناقضات، والإخوة الخصوم، وحتى الإخوة الأعداء.

وأضاف أن السبيل الصحيح والأمثل في مثل هذه الظروف هو في العمل على احتكام الجميع للإرادة الشعبية الحقيقية، والمتمثلة في استحقاقات الاستفتاء والانتخابات الديمقراطية الشفّافة، وليس في مجرد استطلاعات ولقاءات هنا وهناك لا يُبنى عليها ولا يُعتدّ بها في بناء الدول.

بدوره، وصف رئيس حزب صوت الشعب الليبي، فتحي الشبلي، النسخة الجديدة من مشروع تيتيه بـ”المرحلة الانتقالية في عباءة جديدة”، وهذه المرة، المقترح أكثر أناقة أممية، ويتمثّل في حلّ المؤسسات القائمة بـ”اتفاق سياسي” وإطلاق منتدى حوار، إلى جانب اختيار جمعية تأسيسية من 60 عضواً، بدلاً من 75 عضواً.

إضافة إلى صلاحيات تشريعية مؤقتة، واعتماد دستور وقوانين انتخابية مؤقتة، وتوحيد المؤسسات، وتحقيق المصالحة.

واستغرب الشبلي تخصيص مدة زمنية من أربع سنوات لـ”إدارة الأزمة”، دون معرفة من اختار هؤلاء الـ60 عضواً، ولا كيف سيعملون، ولا من يراقبهم، وإلى متى الخروج من دوّامة الحل المؤقت.

وطرحت اللجنة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة أربعة خيارات رئيسية لمعالجة القضايا الخلافية التي تعيق التقدّم نحو الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتعثّرة، يمكن أن تُشكّل خارطة طريق لإنهاء المرحلة الانتقالية.

والخيارات هي: إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بصورة متزامنة، أو إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، يليها اعتماد دستور دائم، أو اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات.

ويتضمّن الخيار الرابع إطلاق مرحلة انتقالية جديدة تبدأ باتفاق سياسي يُنهي عمل المؤسسات القائمة، وإنشاء منتدى للحوار يتولى تعيين هيئة تنفيذية جديدة، واختيار جمعية تأسيسية مكونة من 60 عضواً تُمنح صلاحيات تشريعية مؤقتة.

وتتولى هذه الجمعية اعتماد دستور مؤقت، وإصدار القوانين الانتخابية، وستستمر هذه المرحلة أربع سنوات، تنتهي بانتخابات تشريعية يُمنع أعضاء الجمعية التأسيسية من الترشح فيها.

ويُشترط لنجاح الخطة أن ينص الاتفاق السياسي على وجود سلطة تنفيذية واحدة بصلاحيات واضحة، ودستور مؤقت ينظّم المرحلة الانتقالية.

Shares: