سلطت صحيفة العرب اللندنية الضوء على الوضع السياسي المأزوم في ليبيا والانقسام المؤسساتي في ليبيا الذي طال المحكمة الدستورية، وسط تخوفات مجلس الدولة من أن تتحول المحكمة الدستورية إلى أداة بيد مجلس النواب لإضفاء طابع قانوني على قراراته.

وقالت الصحيفة إن ليبيا تقف أمام فصل جديد من الانقسام المؤسساتي بعدما رفض المجلس الأعلى للدولة قرار مجلس النواب تشكيل المحكمة الدستورية التي أُعلن عنها الأحد، وأدى أعضاؤها اليمين القانونية، في خطوة تعكس اتساع الصراع بين المؤسستين وتمدده إلى القضاء ما يهدد بزيادة تعقيد الأزمة السياسية.

وأضافت أن الانقسام المؤسساتي في ليبيا في تواصل ليتجاوز الأطر السياسية التقليدية، ويصل إلى واحدة من أبرز ركائز الدولة، وهي القضاء الدستوري، حيث أعلن مجلس الدولة مساء الإثنين، رفضه خطوة مجلس النواب بتشكيل المحكمة الدستورية، معتبرا أنها أحادية الجانب وتمثل خرقا للاتفاقات السياسية التي تشترط التشاور بين المجلسين في القضايا السيادية.

وأوضحت العرب اللندنية أن هذا الخلاف يعكس صراعا أعمق على الشرعية، حيث يخشى مجلس الدولة الاستشاري أن يتحول تشكيل المحكمة الدستورية إلى أداة بيد مجلس النواب لإضفاء طابع قانوني على قراراته في حين يدافع النواب عن حقهم في المضي قدما في استكمال المحكمة الدستورية باعتبارها ضرورة لوضع حد للفراغ القانوني.

ويرى مراقبون أن هذا الانقسام يمثل خطرا جديدا على المسار السياسي في ليبيا، فالمحكمة الدستورية التي يفترض أن تكون المرجع الأعلى للفصل في النزاعات القانونية المتعلقة بالدستور والانتخابات، بدأت مسارها وسط خلاف سياسي حاد قد يؤثر في حيادها ويفقدها الثقة المطلوبة لأداء دورها كضامن للعملية الانتخابية المرتقبة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الانقسام الجديد يكرس حالة الازدواجية المؤسسية بين الشرق والغرب مما يضاعف من صعوبة الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، كما يثير التساؤل حول مستقبل العلاقة بين البرلمان ومجلس الدولة ومدى قدرتهما على تجاوز الخلافات لصالح بناء مؤسسات موحدة وفاعلة.

ولفتت إلى مجلس الدولة وصف تفعيل المحكمة الدستورية من قبل مجلس النواب بالإجراء الباطل، معتبرا أن هذه الخطوة تفتح الباب من الفوضى الدستورية وتعرقل المسار الدستوري نحو الانتخابات المنتظرة.

جاء ذلك في بيان لمجلس الدولة، الإثنين، صدر عقب أداء أربعة مستشارين بالمحكمة الدستورية العليا المشكلة من مجلس النواب اليمين القانونية أمام رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الأحد.

وقال مجلس الدولة إنه تابع ما تم تداوله بشأن قيام مجلس النواب باتخاذ خطوات تصعيدية تجاه تفعيل المحكمة الدستورية الملغاة بأداء ما وصف بـ(اليمين القانونية) أمام رئيس مجلس النواب.

وأوضح أن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا أصدرت حكما نهائيا وباتا بعدم دستورية القانون رقم (6) الصادر عن مجلس النواب بشأن إنشاء المحكمة الدستورية.

كما أكد مجلس الدولة أن هذا القانون منعدم الأثر قانونا منذ صدوره وتعد جميع الآثار المترتبة عليه باطلة ومعدومة بما في ذلك ما يسمى بتعيين مستشارين أو تشكيل هيئة قضائية موازية، محذرا من خطورة المضي في فرض أجسام قضائية موازية أو بديلة بالمخالفة لأحكام القضاء.

ووفق مقترح مقدم من رئيسه عقيلة صالح، أقر مجلس النواب في 6 ديسمبر 2022 قانونا لإنشاء محكمة دستورية تتكون من 13 عضوا يعينهم النواب في أول تشكيل لها. ومنذ ذلك الحين لم يتم تفعيلها بعد اعتراضات من المجلس الأعلى الدولة.

وتعيش ليبيا أزمة صراع بين حكومتين إحداهما عينها مجلس النواب مطلع 2022 برئاسة أسامة حماد ومقرها بنغازي التي تدير منها كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب، والأخرى حكومة عبدالحميد الدبيبة ومقرها طرابلس التي تدير منها كامل غرب البلاد.

ولحل تلك التعقيدات تقود البعثة الأممية لدي ليبيا جهودا تهدف لإيصال ليبيا إلى انتخابات يأمل الليبيون أن تؤدي إلى وضع حد للصراعات السياسية والمسلحة وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ انهيار النظام السابق.

Shares: