قال الكاتب معين الكيخيا رئيس المعهد الديمقراطي الليبي، إن ما تشهده طرابلس اليوم من عنف وفوضى ليس مجرد أزمة عابرة، بل صرخة مدوية تقول بوضوح: “لقد آن أوان التغيير”، ليس التغيير الشكلي أو الترقيع السياسي الذي اعتدناه، بل تغيير حقيقي، جذري، يعكس جوهر ليبيا وتاريخها وواقع شعبها.
الكيخيا أضاف عبر منصة “إكس” أن الأمم المتحدة، بذلت عبر بعثتها في ليبيا، جهودًا مشكورة لبناء مسار جديد يقود إلى انتخابات ديمقراطية وحكومة وطنية جامعة، لكن تلك الجهود، رغم نبل نواياها، لم تُراعِ الخصوصية الليبية، فتعثر المشروع مرارًا وتكرارًا.
رئيس المعهد الديمقراطي الليبي أوضح أن نموذج 2021 خير مثال: إدارة مؤقتة أُنشئت بوعود بانتخابات حاسمة في ديسمبر من ذلك العام، لكن الوعود تبخرت، والانتخابات لم تُجرَ، وها هو عبد الحميد الدبيبة يواصل التشبث بالسلطة في طرابلس، فيما تغرق المدينة أكثر في الفوضى.
الكيخيا قال إننا لا نحتاج فقط إلى حكومة منتخبة، بل إلى إدارة مؤقتة جديدة، تكنوقراطية، ملزمة بتوقيت واضح ونهائي لإجراء الانتخابات، ولا تملك حق التمديد أو المماطلة، ولكن الأهم من ذلك: يجب أن تكون مختلفة في جوهرها.
وطالب معين المجتمع الدولي بأن يتحلى بالشجاعة الكافية للاعتراف بفشل فرض نموذج الدولة المركزية الذي بدأه الفاشيون عام 1934، واستكمله الحلفاء عام 1951، هذه التجربة لم تنجح، لأنها تجاهلت التنوع الجغرافي والتاريخي والاجتماعي لليبيا.
وأوضح الكيخيا أنه لا يدعو لإلغاء الدولة الليبية، بل على العكس، يدعو لتأسيس نظام جديد يُبقي على سلطة وطنية مركزية تعنى بالشأن السيادي، لكنه يمنح الأقاليم حقها في إدارة شؤونها، وفقًا لتقاليدها وواقعها، في إطار من الشفافية والمحاسبة.
وأشار إلى أن القوى الخارجية لعبت دورًا في تاريخ ليبيا – سلبًا وإيجابًا – واليوم، يمكن لتعاونها الصادق أن يكون عاملًا مساعدًا على الخروج من الأزمة، إذا ما أدركت أن دعم التغيير الحقيقي هو السبيل الوحيد لاستقرار دائم.
ولفت إلى أن الأولوية الآن ليست للنقاشات المطولة أو المداولات العقيمة،بل الأولوية لإقامة إدارة مؤقتة قوية ومستقلة، تقود المرحلة الانتقالية بكفاءة، وتُهيّئ الأرضية لانتخابات شاملة لا مجال فيها للتأجيل.
وحذر الكيخيا من أن الوقت ينفد، والأخطار تتصاعد، لافتا إلى أن الحكومة القائمة فقدت شرعيتها وسيطرتها، ولم يعد من المقبول استمرار الوضع الراهن، وتابع: “آن الأوان أن يتحرك الجميع – محليًا ودوليًا – لتنفيذ التغيير الذي يستحقه الشعب الليبي”.