قال الكاتب البريطاني ومحرر للشؤون الدولية في صحيفة الإندبندنت، سام كيلي، إن الخطة التي يدور الحديث عنها لترحيل مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا مقابل الإفراج عن أموال ليبية مجمدة توازي في وحشيتها مشاريع التطهير العرقي.

وأفادت تقارير بأن الخطة الأخيرة المنسوبة إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإنهاء الكارثة الجارية في غزة تتمثل في محاولة ترحيل مليون من سكان القطاع البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة إلى ليبيا، مقابل الإفراج عن 30 مليار دولار من الأصول الليبية المجمدة.

وأضاف كيلي حسبما نقلت “الغد”، أن هذه الفكرة عبثية بقدر ما هي لا أخلاقية، وتابع يبدو أن هذا الطرح لا ينفصل عن حملة يقودها البيت الأبيض لتكريس الحملة الإسرائيلية كأمر طبيعي ومشروع، والتي تقوم باستخدام القنابل والرصاص، والتجويع والتدمير الجماعي للمنازل، واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية، بهدف جعل غزة غير صالحة للعيش.

وتمضي إسرائيل قدماً في حملتها بدعم غربي مكشوف، وسط تواطؤ بريطاني وصمت دولي يعيدان إلى الأذهان فظائع رواندا، وينذران بكارثة ستمتد آثارها لعقود.

وأوضح الكاتب البريطاني أن الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وصفتا ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي وجيشه بأنه لا يقل عن كونه إبادة جماعية أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، وهنا لا يحتاج المرء إلى نقاش قانوني حول المصطلحات لمعرفة ما يحدث فعلاً هناك.

وبين أن ما يجري في غزة هو حملة تدعمها بريطانيا من خلال قيامها بتصدير مكونات الأسلحة إلى إسرائيل، وتنظيم رحلات لطائرات تجسس تحلق فوق غزة بالتنسيق مع سلاح الجو الإسرائيلي.

وأشار إلى أن المملكة المتحدة متواطئة في ارتكاب إسرائيل فظائع ضد المدنيين، وسوف يحاسب التاريخ رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، وحكومته على هذا التواطؤ، وكذلك سيفعل الشعب البريطاني أيضا.

وأكد الصحفي البريطاني أن هناك ازدواجية في المعايير بين دعم أوكرانيا بذريعة أخلاقية في مواجهة فلاديمير بوتين، ودعم حملة نتنياهو، بشكل خاطئ، ضد المسلمين ذوي البشرة الداكنة، وسوف يتهم كثيرون المملكة المتحدة بالعنصرية.

وأشار إلى أن ما يجري هناك سيئ من الناحية الأخلاقية بقدر ما هو سيئ بالنسبة لإسرائيل التي فقدت حقها في الادعاء بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فقد عمدت إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من الضفة الغربية لصالح مستوطنات مخصصة للإسرائيليين فقط، وفرضت نظام فصل عنصري ضد الفلسطينيين، فضلاً عن تقييد حقوق الشعب الفلسطيني الأصلي في سائر الأراضي الفلسطينية.

قال كيلي إن في الوقت الراهن، ليس هناك أي حديث يدور عن فرض عقوبات على إسرائيل بسبب ما يحدث في غزة، وفي هذا السياق، تساءل توم فليتشر، الدبلوماسي البريطاني السابق ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أمام مجلس الأمن، قائلاً: “هل ستتحركون بحزم لمنع الإبادة الجماعية في غزة وضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟”.

وتابع: لم يأت الجواب من المملكة المتحدة، بل من السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الذي وصف سؤال فليتشر بأنه “تصريح غير مسؤول ومتحيز وينسف أي مفهوم للحياد”.

وأضاف الكاتب أنه بحسب ما أفادت به قناة “أن بي سي نيوز”، يقترح ترامب أن يتاجر بسكان غزة كما لو كانوا جِمالاً، مع ليبيا، وذلك من خلال رشوة الدولة المنهكة بضخ 30 مليار دولار من أموالها المجمدة، في مقابل أن تستقبل ملايين الفلسطينيين المشردين.

وتابع أن هذه الفكرة مجنونة إلى حد يجعل الإشارة إلى استحالة تنفيذها أمراً يكاد يكون غير ضروري، فحكومة ليبيا لن تقبل بها، وستقوم الدول الأوروبية بإسقاطها فوراً لأنها تعني نقل ملايين الأشخاص إلى نقطة انطلاق للهجرة غير الشرعية إلى أراضيها، وسوف تستشيط وكالات الاستخبارات غضباً لأن ذلك يعني إرسال الحشود المدماة من ضحايا إسرائيل مباشرة إلى أحضان تنظيم القاعدة.

وأوضح أنه يجب أن يكون جواب بريطانيا “لا مكان سوى غزة”، وأن تطالب بصوت عال بإنهاء القتل الجماعي، وعمليات التهجير القسري، والاستيلاء غير القانوني على أراضي الضفة الغربية، قد يكون التحرك الآن متأخراً جداً بالنسبة لعدد كبير من سكان غزة، لكنه قد يساعدهم، وربما يساعد إسرائيل أيضا، على المدى الطويل.

Shares: