سلّط موقع “سبوتنيك” الروسي الضوء على المشهد السياسي المتأزم في ليبيا، مشيرًا إلى أن البلاد تقف أمام مفترق حاسم يتمثل في خيارين متناقضين: تشكيل حكومة جديدة أو الاستمرار بحكومة باتت شرعيتها موضع شك داخلي وخارجي.

التقرير أكد أن استمرار الانقسام السياسي ووجود حكومتين متوازيتين يقودان سلطتين تنفيذيتين في غرب وشرق البلاد، فاقم الأزمة، وأضعف فرص التوصل إلى تسوية شاملة.

ورغم الجهود الدولية المستمرة، لا تزال الخلافات قائمة بشأن آليات تشكيل حكومة موحدة، الأمر الذي يؤخر إجراء الانتخابات المؤجلة منذ سنوات.

التقرير شدد على أن الأزمة لا تقتصر على الداخل الليبي فحسب، بل تتشابك فيها خيوط مصالح إقليمية ودولية، مما يزيد من تعقيد المشهد، ويضع مستقبل الاستقرار السياسي على المحك.

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث السياسي الليبي، عبدالسلام العبدلي، أن بيان مجلس النواب الأخير يعبّر عن موقف رافض لتشكيل حكومة جديدة دون توافق وطني شامل.

وأكد أن المجلس يخشى أن تؤدي هذه الخطوة إلى إقصاء حكومة أسامة حماد، وبالتالي تعميق الانقسام بإنتاج حكومة ثالثة.

وأوضح العبدلي أن تشكيل أي حكومة جديدة ينبغي أن يتم بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة، وفقًا لما نص عليه اتفاق الصخيرات، محذرًا من أن تجاوز هذا التوافق سيقود إلى مزيد من الفوضى والمناكفات السياسية.

كما لفت إلى أن المجلس الأعلى للدولة يعاني هو الآخر من انقسام داخلي، مما يفقده شرعيته كممثل سياسي قادر على اتخاذ قرارات حاسمة، معتبرًا أن أي حكومة تُشكّل دون اتفاق مسبق مع الدول المؤثرة في الملف الليبي ستكون مصيرها الفشل.

وشدد التقرير على أن المجتمع الدولي بات يتعامل مع خريطة نفوذ جديدة في العاصمة طرابلس، وهو ما يدفع الدول الكبرى إلى التريث قبل دعم أي تشكيل حكومي جديد، خاصة في ظل تمسك حكومة الدبيبة بالسلطة، وسيطرتها على المؤسسات الحيوية.

وحذر العبدلي من أن تشكيل حكومة جديدة بدون غطاء أممي أو توافق سياسي سيكون بمثابة إعادة إنتاج للأزمة الحالية، مؤكدًا أن ذلك سيعقد الأوضاع الاقتصادية ويعيق جهود إعادة الإعمار، ويزيد من تآكل شرعية السلطة التنفيذية برمتها.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي معتصم الشاعري أن الانقسام داخل مجلسي النواب والأعلى للدولة هو العائق الأساسي أمام تشكيل حكومة توافقية جديدة، متهمًا الطرفين بالسعي وراء مصالحهما الخاصة بعيدًا عن المصلحة الوطنية.

وزعم الشاعري في تصريحات لـ”سبوتنيك” إن حكومة حماد في الشرق قد لا تكون عقبة كبيرة، إذ يمكنها تسليم السلطة في حال تم التوافق، على عكس حكومة الدبيبة التي ترفض التنازل عن الحكم.

كما كشف عن وجود مقترح متداول في كواليس البعثة الأممية بشأن تشكيل سلطة تنفيذية موحدة، مؤكدًا أن هذا المقترح لا يزال قيد النقاش، وقد يتم الإعلان عنه قريبًا ضمن خطوات دولية لإعادة المسار السياسي إلى سكته.

التقرير أوضح أن هناك ضغطًا دوليًا متزايدًا لحلحلة الأزمة، مع احتمالات بعقد جلسة طارئة بمجلس الأمن لبحث مستقبل العملية السياسية، وسط دعوات لتشكيل حكومة موحدة تُنهي الانقسام وتُمهّد لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المنتظرة.

Shares: