قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن الولايات المتحدة تحاول التخلّص من عبء المهاجرين غير المرغوب فيهم، خصوصًا من أصحاب السوابق والمجرمين المنتمين لعصابات منظمة، من خلال البحث عن دول ثالثة لاستقبالهم.
وأضاف العبدلي في تصريح نقلته “سبوتنيك” أن واشنطن قد تكون بصدد جسّ نبض الشارع الليبي حيال هذه الفكرة، مستخدمة في ذلك وسائل إعلامها وبعض التصريحات المجهولة المصدر التي يتم تسريبها عبر وكالات أنباء أمريكية.
وأوضح المحلل السياسي أنه رغم ما وصفه بالانبطاح السياسي لبعض الحكومات الليبية أمام الضغوط الدولية، فإنه لا يتوقع أن تكون أي حكومة ليبية قد وافقت فعليًا على استقبال هؤلاء المرحّلين، لأن تبعات ذلك ستكون ثقيلة على الأمن الداخلي، وربما تهدد الاستقرار الهش أصلًا.
وقارن العبدلي بين ليبيا ودولة السلفادور، التي وافقت في الآونة الأخيرة على استقبال بعض المرحلين مقابل دعم مالي أمريكي، مبيّنًا أن السلفادور دولة فقيرة ولديها مبررات اقتصادية دفعتها لقبول الصفقة، بل وافتتحت سجنًا ضخمًا لهذا الغرض، في حين أن ليبيا تختلف تمامًا من حيث المعطيات السياسية والاقتصادية.
وتابع أن تصريح وزير الخارجية الأمريكي، الذي قال فيه إن بلاده تتواصل مع عدة دول بشأن استقبال بعض المهاجرين، واستخدم فيه تعبيرًا مهينًا بالإشارة إلى “أكثر الناس خسة”، يكشف عن منطق خطير تتبعه الإدارة الأمريكية في التعامل مع بعض الدول، وكأنها صفقات تُعقد بلغة العصابات لا لغة الدبلوماسية.
وأكد العبدلي أن السياسة الأمريكية ليست غريبة في هذا السياق، فهي تسعى لتحقيق مصالحها بأي ثمن، حتى وإن كان على حساب استقرار شعوب أخرى.
وذكّر بمحاولات واشنطن السابقة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين خارج أرضهم، وفرضها هذه الفكرة على دول عربية، وعندما قوبلت بالرفض، لجأت لسياسات التجويع والتضييق على الفلسطينيين.
وقال إن مجرد صدور بيانات حكومية ليبية ترفض استقبال المهاجرين غير كافٍ، بل يجب أن تكون هناك رسالة حازمة ومباشرة لواشنطن مفادها كفى تدخلاً في ليبيا، مشددا على أهمية وعي الشارع الليبي بأن ما يجري ليس عشوائيًا، بل هو جزء من مؤامرة تحاك ضد البلاد، وأن تهريب المجرمين إلى الداخل الليبي يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الأهلي.
في خطوة أثارت موجة من القلق والاستغراب بين منظمات حقوق الإنسان، ظهرت معلومات تفيد بقيام السلطات الأمريكية بترحيل عدد من المهاجرين المقيمين لديها إلى ليبيا، رغم الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة التي تعيشها البلاد.
ويطرح هذا الإجراء تساؤلات جدية حول مدى التزام واشنطن بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين، ومدى قانونية إرسال أشخاص إلى بلد تُصنفه الأمم المتحدة كـ”مكان غير آمن للعودة” فما حقيقة هذه المعلومات؟ ولماذا قررت الولايات المتحدة الأمريكية اتخاذ هذه الخطوة؟ وما هي التداعيات التي قد تترتب على المهاجرين أنفسهم وعلى العلاقات الدولية؟.