كشف تقرير حديث صادر عن المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية عن أزمة خطيرة تهدد حياة آلاف المرضى في ليبيا، تتمثل في غياب منظومة الأمن الدوائي وانتشار ظاهرة غش وسرقة جرعات العلاج الكيماوي لمرضى السرطان، مما تسبب في انهيار المنظومة الصحية وفقدان ثقة المواطنين في المؤسسات الطبية المحلية.

أرقام صادمة

وأشار التقرير إلى أن عدد مرضى السرطان في ليبيا تجاوز 25 ألف مصاب، بينهم نحو 8 آلاف طفل، يعانون من نقص حاد في الأدوية والعلاجات الضرورية.

وتعد أورام الثدي والقولون من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في البلاد، وفقاً لآخر الإحصائيات الرسمية.

وأوضح التقرير أن غياب منظومة الأمن الدوائي في ليبيا يعتبر كارثة صحية وإنسانية، خاصة مع انتشار ظواهر الفساد في استيراد الأدوية وتوزيعها، الأمر الذي دفع آلاف المواطنين الليبيين للسفر إلى الخارج للعلاج في مستشفيات مصر وتونس والأردن وتركيا.

مطالبات بتحقيقات عاجلة

وطالب المركز النائب العام بفتح تحقيقات شاملة وعاجلة وشفافة في ملف استيراد الأدوية من الخارج، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذا الملف، ومعاقبة المتورطين في أزمة نقص جرعات العلاج الكيماوي لمرضى الأورام، معتبراً الأمر “جريمة كبرى” تستوجب أقصى العقوبات.

كما دعا التقرير وزارة الصحة في كلتا الحكومتين الليبيتين إلى تشكيل لجنة متخصصة وذات مصداقية لتقديم كشوفات دقيقة حول أعداد مرضى الأورام في البلاد، وأسباب انتشار هذا المرض، والمناطق الأكثر تضرراً، مع ضرورة فتح مراكز صحية متخصصة في علاج حالات الأورام موزعة على كافة مناطق البلاد.

استيراد أدوية غير صالحة

وكشف التقرير عن وجود “ملفات فساد” خطيرة تتعلق باستيراد جهاز الإمداد الطبي لأدوية غير صالحة لمرضى الأورام، داعياً إلى تقديم المسؤولين عن هذه الصفقات المشبوهة للنيابة العامة بشكل عاجل.

وطالب المركز المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا بإصدار تقارير دقيقة توضح أسباب انتشار أورام السرطان في البلاد، والكشف عن الأعداد الحقيقية للمرضى سواء من يتعالجون في الداخل أو الخارج، وتوضيح مستقبل مشروع “توطين العلاج بالداخل” الذي أطلقته الحكومة مؤخراً.

دعوة لتدخل دولي

وأكد المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية أنه سيتابع هذا الملف الخطير، وسيقدم تقارير دورية للجهات المختصة، مشدداً على أنه في حال وجود “تراخٍ أو تواطؤ أو خمول” من قبل الجهات المحلية في التعاطي مع هذا الملف، فإنه سيلجأ إلى مخاطبة المنظمات الدولية والهيئات العالمية للتدخل وتقديم المتورطين للعدالة.

وناشد التقرير منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المحلية بضرورة متابعة قضايا الفساد في قطاع الصحة، خاصة فيما يتعلق بسرقة وغش أدوية مرضى الأورام، وتقديم تقارير دورية للجهات الصحية المحلية والدولية.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن “لا مستقبل للبلاد إلا بوجود عنصر بشري سليم صحياً وعقلياً وجسدياً”، مشدداً على أهمية بناء منظومة أمن دوائي متكاملة في ليبيا، باعتبارها جزءاً أساسياً من منظومة الأمن القومي للبلاد.

Shares: