قال المحلل السياسي الليبي، حسام الدين العبدلي، إن اجتماع محافظ مصرف ليبيا المركزي مع نائب رئيس البنك الدولي مؤخرا يعود لعدة أسباب، أهمها العمل على تنفيذ إصلاحات مالية، وتدريب كوادر المصرف المركزي الليبي،
وأضاف العبدلي في تصريح نقلته “سبوتنيك” أن هناك اتهامات من جهات دولية لعدة أطراف باستخدام عملات مزورة متداولة داخل ليبيا، مما دفع البنك الدولي لإصدار توصيات تدعو ليبيا إلى الإسراع بالتحول الرقمي، بهدف الحد من عمليات التزوير.
وأوضح أن مصرف ليبيا المركزي حاول مرارًا إنجاح العمليات المصرفية الإلكترونية وتطبيق خطط التحول الرقمي، إلا أن التحديات لا تزال قائمة.
وأكد العبدلي أن البنك الدولي، بطبيعته، داعم للمجتمعات الرأسمالية التي يقودها القطاع الخاص، وينطبق الأمر أيضًا على صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن هذا التعاون المباشر مع القطاع الخاص غالبًا ما يكون على حساب المجتمعات وعامة الناس، إذ يؤدي إلى خلق طبقة متميزة تسيطر على مفاصل الدولة، بينما يتدنى وضع بقية أفراد الشعب، وهو أمر لا يتناسب مع طبيعة المجتمع الليبي.
ولفت المحلل السياسي إلى أن هذا المسار قد يُسهم في ذوبان الطبقة المتوسطة، التي تتلاشى تدريجيًا، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على التركيبة الاجتماعية، موضحا أن البنك الدولي عادة ما يصدر توصيات مباشرة تتعلق بإلغاء الدعم الحكومي، بحجة تقليص عجز الميزانية.
العبدلي شدد على أن ليبيا تختلف عن بقية الدول، مؤكدا أن البنك الدولي يحاول عبر توصياته دفع ليبيا نحو إلغاء الدعم المخصص للمحروقات، والكهرباء، والتعليم المجاني، والصحة المجانية.
وقال إن هناك أطرافًا ليبية، خاصة بعض رجال الأعمال، يسعون لرفع الدعم عن المواطن، بهدف السيطرة على السوق، مستغلين قدراتهم المالية ونفوذهم في اتخاذ القرار والشراء.
وأضاف أن رفع الدعم في الوضع الحالي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، مما سيلحق أضرارًا جسيمة بالشعب الليبي، خاصة في ظل غياب المواصلات العامة، والطرق المناسبة، والبنية التحتية الأساسية.
وأكد أن ليبيا لا يمكن أن تتبع سياسات رفع الدعم دون وجود مقومات حقيقية، معتبرًا أن هناك مؤامرة داخلية تقودها بعض الأطراف المرتبطة برجال أعمال ذوي ولاءات خارجية يتوددون للبنك الدولي.
المحلل حذر من أن هذه السياسات تشكل خطرًا كبيرًا على جميع الليبيين، مطالبا إياهم بألا يسمحوا لأي طرف بالمساس بملف الدعم الذي يمثل صمام أمان مهم لهم.
وعلقت ليبيا مذكرة تفاهم مع البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، بهدف استئناف التعاون المباشر بين الجانبين.
وترتكز المذكرة على دعم جهود ليبيا في إصلاح المالية العامة، ودفع عملية التحول الرقمي، وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، كما تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال وتهيئة المناخ الاستثماري بما يسهم في تحفيز التنمية المستدامة.
وتأتي الخطوة في إطار سعي ليبيا للاستفادة من الخبرات الدولية ومواكبة المتغيرات الاقتصادية العالمية، ويتوقع أن تفتح مذكرة التفاهم آفاقاً واسعة أمام مشاريع إصلاحية تسهم في بناء اقتصاد أكثر تنوعا واستقرارا.