قالت صحيفة العرب إن مكتب النائب العام الليبي الصديق الصور أعلن عن نتائج مراجعة شاملة طالت 282 ألفًا و447 ملفًا، ضمن مساعي لتدقيق إجراءات الحصول على الجنسية الليبية، في خطوة لمواجهة شبكات تزوير الجنسية المنتشرة.
الصحيفة اللندنية أضافت أن المراجعة المكثفة تهدف إلى كشف عمليات التلاعب التي تهدد الهوية الوطنية، ووقف التداعيات القانونية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذا العمل غير المشروع الذي استمر لعقود.
وأوضحت الصحيفة أن مكتب النائب العام، استعرض في بيان الجمعة، أعمال مراجعة بيانات الانتماء للأصل الليبي، وشروط اكتساب الجنسية، وسلامة الإجراءات المتبعة في منحها للأجانب.
وشدد على أن الهدف الأساسي هو وضع حد نهائي لتبعات العبث ببيانات المواطنة الذي استنزف حقوق الليبيين وهدد النسيج الاجتماعي.
النائب العام، حسبما أكدت الصحيفة حث وكلاءه على تحريك الدعوى الجنائية ورفعها في مواجهة العابثين ببيانات الأحوال المدنية، على اختلاف المادّيات المنسوبة إليهم، مؤكدا أهمية حماية حقوق الشعب على كافة الأصعدة، وإطلاع المجتمع على الحقائق كاملة، ودعم جهود إرساء الاستقرار والسلم المجتمعي.
وعقد النائب العام اجتماعا الثلاثاء مع المحققين المكلفين بقضايا تزوير بيانات الأحوال المدنية، وشدد على ضرورة التعمق في تقصي البيانات المخالفة للحقيقة، واتخاذ كافة التدابير اللازمة للحد من الآثار المترتبة على عمليات التزوير الواسعة.
وتناول الاجتماع نتائج تمكين أعضاء النيابة العامة من الوصول إلى ملفات السجل المدني وتحليل بياناتها بدقة للتحقق من سلامة السجلات.
وكشفت نتائج التدقيق الأولية عن حجم التلاعب الكبير في بيانات الإقامة والانتقال والاكتتاب في 160 مكتبا من مكاتب مصلحة الأحوال المدنية.
وقد تم تصنيف الإحصائيات لتحديد الأخطاء الخارجة عن دائرة البحث الجنائي وتلك التي سهلت تسجيل معلومات كاذبة. والأكثر دلالة هو استعراض وأرشفة أكثر من 282 ألف ملف تضمنت وثائق إجراءات الحصول على الجنسية الليبية، مما يعكس حجم المهمة الشاقة التي يواجهها مكتب النائب العام.
وقالت الصحيفة أن هذه التحركات القضائية تأتي في أعقاب سلسلة من الإدانات التي طالت مسؤولين متورطين في عمليات تزوير واسعة، ففي 17 مارس الماضي، قضت محكمة جنايات مصراتة بالسجن على أربعة ضباط في مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب بعد إدانتهم بتزوير وثائق رسمية وتقليد أختام بهدف التربح غير المشروع.
وأوضحت أن أحكام بالسجن صدرت بحق مسؤول طباعة جوازات السفر وضابط آخر، مع حرمانهما من الحقوق المدنية وإلزامهما بالمصاريف.
وفي يناير الماضي، أعلنت السلطات عن توقيف مسؤولين سابقين في مصلحة الأحوال المدنية احتياطيًا بتهم تتعلق بتورطهم في تزوير 200 قيد عائلي لصالح أشخاص لا يحملون الجنسية الليبية، والتآمر مع آخرين لتعديل بيانات الإقامة والانتقال بشكل غير قانوني.
وقد مكنت هذه الوثائق المزورة أفرادًا من الحصول على أرقام وطنية والاستفادة من حقوق المواطنة بشكل غير مشروع، مع إجبار موظفات على تسجيل هذه البيانات المخالفة تحت سلطة المتهمين.
وأوصحت الصحيفة أن التحركات القضائية الأخيرة تعكس إصرارا من مكتب النائب العام على معالجة ملف فساد مستشرٍ له تداعيات خطيرة على الهوية الوطنية والتركيبة السكانية في ليبيا، حيث إن حجم الملفات التي تجري مراجعتها يشير إلى عمق المشكلة وتجذر شبكات التزوير داخل مؤسسات الدولة.
ومن المتوقع أن تسفر هذه الجهود عن إسقاط الجنسية عن آلاف الأشخاص الذين حصلوا عليها بطرق غير قانونية، مما قد يؤدي إلى استعادة بعض الحقوق والموارد التي تم الاستفادة منها بشكل غير مشروع.
وتتطلب هذه العملية إصلاحات جذرية في نظام السجل المدني لضمان دقة البيانات ومنع تكرار عمليات التزوير في المستقبل، وسط توقعات بأن تثير عمليات إسقاط الجنسية ردود فعل اجتماعية وسياسية معقدة، خاصة في المناطق التي شهدت تجنيسا واسع النطاق في فترات سابقة.
ويمثل تزوير الجنسية والهويات تهديدا مباشرا لنزاهة العملية الانتخابية في ليبيا، فالهويات المزورة تفتح الباب أمام تسجيل ناخبين وهميين أو مضاعفين، مما يشوه قوائم الناخبين ويؤدي إلى تضخيم غير شرعي للأصوات.
وأشارت الصحيفة أن عددا قليلا من الأصوات المزورة يمكن أن يؤدي إلى تغيير نتائج الانتخابات وتقويض إرادة الناخبين الحقيقيين، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار ويقوض الثقة في أي عملية سياسية مستقبلية.