أكد موقع فرانس 24 أن روسيا تستغل قواعد “الخادم، والجفرة، وبراك الشاطئ، والويغ، وتمنهنت، والقرضابية” الليبية لبسط نفوذها على منطقة الساحل الإفريقي، إضافة إلى قاعدة معطن السارة الواقعة على مقربة من منطقة الكفرة الاستراتيجية تاريخيًا، وهي عبارة عن سلسلة من الواحات الصغيرة.
وأضاف الموقع أن الكفرة تعد نقطة انطلاق مهمة للمهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المتجهين إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وفي نهاية المطاف إلى أوروبا، لافتا إلى أن الكفرة وبقية جنوب شرق ليبيا تخضع الآن لسيطرة خليفة حفتر، وقواته التي تتكون من ميليشيات ومرتزقة وجماعات قبلية وتشكيلات عسكرية تدعم إحدى الحكومتين المتنافستين في ليبيا، المشكلة من مجلس النواب.
فرانس 24 أوضح أن حفتر وقبل أن يتلقى دعمًا من موسكو لحملاته العسكرية في ليبيا، كان له تاريخ من التعاون مع الولايات المتحدة، ففي عام 1987، وبعد خسارته حملة عسكرية بصفته قائدًا للقوات الليبية آنذاك في تشاد، أُسر حفتر وتبرأ منه القذافي.
ونتيجة لخسارة حفتر هذه الحملة وقع في الأسر، واستعادت مجموعة عمليات خاصة أمريكية عينات قيّمة من الطائرات والرادارات السوفيتية التي تركها الليبيون من ساحة المعركة، ما أضرّ مؤقتًا بالعلاقات الليبية مع موسكو.
الموقع الفرنسي بين أن حفتر لم يكتف بخسارته العسكرية الكارثية، بل وافق على أن يكون عميلا للولايات المتحدة ضد القائد معمر القذافي، عندما وافق عام 1990 على انتقال 300 سجين ليبي آخر إلى الولايات المتحدة.
خيانة حفتر وارتمائه في أحضان الأمريكان أهلته لأن يصبح مواطنًا أمريكيًا بامتياز، وموردًا لوكالة المخابرات المركزية (CIA) في جهودها للإطاحة بنظام القائد معمر القذافي.
حلقات فشل حفتر العسكري اكتملت بعدما فشل أيضا عام 2020، في الاستيلاء على طرابلس بدعم روسي وإخضاع ليبيا لسيطرته الكاملة بمساعدة مرتزقة مجموعة فاغنر، ويعود ذلك جزئيًا إلى الاستخدام الفعال لحكومة الوفاق الوطني للطائرات التركية المسيرة.
الموقع أوضح أن حفتر لم يتخل عن تحالفه مع روسيا، بل قرر تعزيز علاقاته مع موسكو على أمل الحصول على أسلحة أكثر تطورًا ومعدات عسكرية أخرى، ويُعد السماح لروسيا باستخدام القاعدة الجوية في جنوب شرق برقة جزءًا من هذه العملية.
وأوضح الموقع أن حفتر قرر تعزيز علاقاته مع موسكو على أمل الحصول على أسلحة أكثر تطورًا ومعدات عسكرية أخرى، ويُعد السماح لروسيا باستخدام القاعدة الجوية في جنوب شرق برقة جزءًا من هذه العملية.
وأشار إلى أن قاعدة جنوب شرق برقة التي تبلغ مساحتها ستة كيلومترات مربعة في معطن السارة، ستكون محطةً للتزود بالوقود للطائرات الروسية المتجهة إلى مناطق غرب إفريقيا حيث ينشط فيلق إفريقيا الروسي.
وتقع القاعدة شمال حدود ليبيا مع تشاد، وهي أحدث هدف للنفوذ الروسي منذ الانسحاب الأخير للقوات العسكرية الفرنسية والأمريكية المتمركزة هناك.
ولفت فرانس 24 إلى أن روسيا بدأت في نقل القوات السورية والمقاولين إلى معطن السارة في ديسمبر الماضي، حيث شاركوا جنبًا إلى جنب مع الأفراد الروس في جهود الإصلاح وإعادة الإعمار في القاعدة المهملة منذ فترة طويلة، كانت القاعدة ذات يوم وسيلة لفرض القوة الليبية جنوبًا على تشاد والسودان.
وقال الموقع الفرنسي إن عملاء روس تواصلوا مع المجتمعات القبلية المحلية في المنطقة لتشكيل تحالفات، حيث تُهيمن قبيلة التبو على المنطقة المحيطة بمعطن السارة، وهم ما يُطلق عليهم “البدو السود في الصحراء” والذين نزحوا من الكفرة في أربعينيات القرن التاسع عشر، ومن المرجح أن يحاول الروس كسب ود كلتا الجماعتين، إذ إن التحالف مع إحداهما ضد الأخرى من شأنه أن يُسبب اضطرابات وانعدام أمن غير مرغوب فيهما.
وأضاف أن الوجود الروسي في معطن السارة سيُمكّن موسكو من شحن الأسلحة إلى الأراضي السودانية أو التشادية بهدوء، ورغم أن موسكو قد حوّلت معظم دعمها في الصراع السوداني من قوات الدعم السريع المتمردة إلى القوات المسلحة السودانية، إلا أن قواتها في ليبيا لا يبدو أنها تتدخل في إمداد خليفة حفتر لقوات الدعم السريع بالأسلحة والمركبات.
وأكد الموقع أن المقاولين الروس شاركوا بشكل كبير في عمليات التنقيب عن الذهب عبر الحدود في دارفور السودانية للمساعدة في دفع ثمن حربها ضد أوكرانيا، وقد يسعون إلى التوسع في منطقة كالانغا التي تسيطر عليها قبيلة التبو في سفوح جبال تيبستي على طول الحدود مع تشاد.
وقد نفذت القوات التشادية غارات جوية في المنطقة الصيف الماضي ضد المتمردين التشاديين الذين تجمعوا هناك بعد العمل كمرتزقة في ليبيا.
وأوضح الموقع أنه لا تزال العمليات الروسية في أفريقيا تتسم بنوع من التناقض الدبلوماسي، والذي قد يُعزى جزئيًا إلى قلة الخبرة في المنطقة وعدم إلمامها بدوافع وأساليب شركائها المحتملين، فإلى جانب سعيها للحفاظ على موقفها في الصراع السوداني، تواصل موسكو سعيها لتطوير علاقاتها مع حكومة الدبيبة في طرابلس، مما يُشجع حفتر على الانفتاح على المبادرات الأمريكية.