أفاد تقرير صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن روسيا نجحت في ترسيخ وجودها في ليبيا وحولتها إلى المركز الرئيسي لعملياتها في القارة الإفريقية، مستغلة الانقسامات السياسية والصراعات المستمرة في البلاد.
وأوضح التقرير أن النفوذ الروسي يمتد من الساحل الشمالي الشرقي لليبيا وصولاً إلى حدودها الجنوبية الغربية، حيث تحافظ موسكو على هذا الوجود من خلال وكلائها المحليين، وعلى رأسهم خليفة حفتر.
وبحسب التقرير، استطاعت القوات الروسية ممارسة نفوذ كبير على حقول النفط في جنوب ليبيا وموانئ النفط في شرقها، مستخدمة هذه السيطرة لدعم صدام حفتر، النجل الأكبر لحفتر في توسيع دور ليبيا كمركز إقليمي لتهريب الأسلحة والمخدرات والوقود والبشر.
وفي تطور لافت، أشار التقرير إلى أنه بحلول نهاية عام 2024، ومع تراجع نفوذ روسيا في سوريا إثر سقوط نظام بشار الأسد، أصبحت ليبيا البديل الاستراتيجي لموسكو لتغذية عملياتها في أفريقيا، وتحولت إلى قاعدة عمليات متقدمة لنشر المقاتلين والمعدات في مناطق أخرى من القارة.
ولفت التقرير إلى أن روسيا قدمت مساعدات عسكرية ودبلوماسية وسياسية لحفتر لتعزيز نفوذه في ليبيا، ثم شرعت في إنشاء قواعد عسكرية وبنية تحتية نفطية، وتطوير طرق للتهريب. وبالتوازي مع ذلك، بدأ الكرملين في تطوير علاقاته مع الحكومة في غرب ليبيا، ساعياً إلى دفع وكلائه لتولي مناصب السلطة الشرعية.
وتوقع التقرير أن تصبح ليبيا بحلول عام 2025 المركز العملياتي الرئيسي للنفوذ الروسي في إفريقيا، مستفيدة من القواعد العسكرية التي سيطرت عليها مجموعة فاغنر سابقاً.
حيث أصبحت هذه القواعد ضرورية للحفاظ على انتشار موسكو المتنامي في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، إضافة إلى وجودها الممتد في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وأوضح التقرير أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، تم نشر نحو 1800 جندي روسي في ليبيا، إلى جانب فرق من القوات الخاصة. وبحلول أواخر الربيع، بدأت روسيا تجني ثمار جهودها من خلال توسيع قاعدة براك الشاطئ الجوية وتعزيز دور ليبيا كمركز إقليمي لنفوذها.
ولفت التقرير إلى أن حفتر يتمتع بسلطة فعلية كافية سمحت لموسكو بتطوير وكيل قوي والاستيلاء على الأصول الليبية.
وخلافاً للتكاليف الباهظة لتدخل روسيا في سوريا، فإن انتشارها في ليبيا لم يكلفها الكثير فحسب، بل حقق لها مكاسب مالية كبيرة من خلال استغلال البيئة الليبية المضطربة لتنشيط عمليات التهريب.
وحذر التقرير من أن مليشيات حفتر أصبح اليوم أضعف مما كان عليه في عام 2019، ويعتمد بشكل كبير على الدفاعات التي تسيطر عليها روسيا لحمايته، والتمويل الذي توفره موسكو للحفاظ على شبكة المحسوبية التي تدعم نفوذه السياسي، إضافة إلى الدعم العسكري الروسي لضمان فعالية عملياته.
وفي ختام التقرير، دعا المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الدول الأوروبية إلى ضرورة كبح جماح أنشطة حفتر غير المشروعة التي تشجعها روسيا، وتقديم الدعم للقضية الإسبانية المرفوعة ضد صدام حفتر بتهمة تهريب الأسلحة.
وشدد على أن الهدف يجب أن يكون تفكيك القوات المسلحة العربية الليبية وأذرعها المالية، التي لم تعد موجودة -وفق التقرير- إلا كوسيلة لتحويل الأصول الليبية لمصلحة عائلة حفتر.