يواجه الاقتصاد الليبي أزمة حادة تتمثل في التدهور المستمر لقيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي.
جاء ذلك وفقاً للخبير الاقتصادي علي المحمودي في حديثه لوكالة سبوتنيك، مؤكدا أن هذا الانهيار يعود بالدرجة الأولى إلى غياب سياسات نقدية واضحة من قبل مصرف ليبيا المركزي، بالإضافة إلى الإنفاق الحكومي غير المنضبط.
وأوضح المحمودي أن معدل الإنفاق الحكومي الحالي لا يتناسب مع إيرادات الدولة، خاصة في ظل التراجع الحاد في عائدات النفط، ما تسبب في عجز واضح في توفير العملة الصعبة للسوق المحلية.
وأضاف أن ارتفاع عرض النقود في ليبيا وصل إلى 159 مليار دينار، بينما لا تتجاوز إيرادات النفط 25 مليار دينار، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع قيمته أمام الدينار الليبي.
وأشار المحمودي إلى أن عدم وجود سياسات نقدية واضحة، إلى جانب تحالف المصرف المركزي مع الحكومة، ساهم في تفاقم المشكلة، مؤكداً أن المصرف لا يزال يلعب دوراً سياسياً أكثر من كونه مؤسسة مالية مستقلة.
واعتبر أن التغييرات التي حدثت في إدارة المصرف المركزي كانت شكلية فقط، بينما لا تزال آليات العمل كما هي، وسط تعنت المحافظ في اتخاذ قرارات إصلاحية حقيقية، مضيفاً: “مجلس الإدارة قد يضطر إلى الخروج عن صمته لتبرير هذا الفشل الاقتصادي”.
كما أوضح الخبير الاقتصادي أن فتح خزائن المصرف أمام الحكومة تسبب في زيادة الإنفاق وطباعة الأموال، سواء ورقياً أو إلكترونياً، وهو ما أدى إلى ارتفاع التضخم وتدهور قيمة الدينار.
وأشار إلى أن مؤسسة النفط أخفقت في تحقيق الإيرادات المتوقعة، مما أدى إلى عجز مالي انعكس على ارتفاع سعر الدولار، لافتاً إلى أن الإنفاق الحكومي في شرق ليبيا، الذي يتم من خلال المصرف المركزي في بنغازي، زاد من الضغوط الاقتصادية.
وحذر المحمودي من أن الأزمة ستؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وزيادة التضخم، وارتفاع نسبة الفقر، التي تتجاوز حالياً 40%، مما سيؤدي إلى ركود اقتصادي يفاقم معاناة الليبيين.
وأكد أن الأزمة لن تُحل إلا عبر استقرار سياسي حقيقي، وإصلاحات مالية واقتصادية، تضمن ضبط الإنفاق الحكومي وإدارة الموارد المالية بكفاءة، مشدداً على أن أي حلول جزئية لن تنجح في ظل التجاذبات السياسية الحالية.