في تطور مثير يكشف عمق الفساد المستشري في ليبيا، كشف تقرير صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة في ديسمبر 2024 عن العلاقة غير المعلنة بين خليفة حفتر وحكومة عبد الحميد الدبيبة، والتي تتجسد في شركة “أركنو”.
التقرير الأممي كشف عن أن “أركنو”، التي تديرها حكومة طرابلس ومؤسسة النفط التابعة لها من جهة، وقيادة حفتر التي تسيطر على منابع النفط والموانئ من جهة أخرى، لا تخضع لأي نوع من المحاسبة أو الرقابة، ما يتيح للطرفين الاستفادة من الأموال الناتجة عن هذه العمليات التي تضر بالاقتصاد الليبي وتغذي الفساد المستشري في البلاد.
موقع “العربي الجديد” الممول من قطر، شدد خلال تقرير له على أن هذه العمليات المظلمة هي جزء من الأسباب العميقة التي تعرقل الحلول السياسية في ليبيا وتؤجل إجراء الانتخابات.
ويؤكد التقرير أن تعطل المسارات السياسية ليس مجرد خلافات على القوانين الانتخابية، بل هو نتيجة لاقتصاد غير رسمي وفساد متفشي يضمن استمرار الهيمنة على الثروات الليبية. في عام 2022، وبسبب الأزمة المالية الطاحنة، ابتكرت حكومة الدبيبة نظام مقايضة النفط بالوقود كحل مؤقت، وهو ما أصبح فيما بعد نقطة التقاء بين الأطراف المتصارعة على النفوذ.
وأوضح التقرير أن بعد عام من تأسيس “أركنو”، تم الكشف عن عمليات تهريب ضخمة للوقود عبر البحر، حيث تبيع الشركة جزءًا كبيرًا من الوقود الذي تم استبداله بالنفط إلى مهربين في عرض البحر. أقل من 30% من هذه الكميات يصل فعلاً إلى ليبيا، بينما يتم بيع الباقي في السوق السوداء، مما يفاقم الأزمات المالية في البلاد.
أخطر ما جاء في التقرير هو أن هذه الشركات، مثل “أركنو”، لا تهدد فقط الثروات الوطنية، بل تضمن استمرار الصراع بين الأطراف المختلفة، الأموال الناتجة من هذه الصفقات المظلمة تمكّن الطرفين من شراء الولاءات السياسية والعسكرية، مما يجعل أي خطوات نحو إنهاء الانقسام الحكومي أو إجراء الانتخابات تشكل تهديدًا حقيقيًا لهذه الهيمنة المستمرة على السلطة والنفط.
التقرير أشار للسيطرة على النفط الليبي، الذي يعد أحد أهم أسباب الصراع، أصبح اليوم عاملاً أساسيًا في الحفاظ على الهدوء الظاهر بين الأطراف المتصارعة، لكنه في الوقت نفسه يضمن استمرار تدفق الأموال في الخفاء، مما يعقد أي مسعى نحو حل سياسي حقيقي.
ومن هنا، يظهر أن الفشل المستمر في حل الأزمة السياسية في ليبيا ليس مجرد نتيجة لخلافات قانونية أو إجرائية، بل هو جزء من دوامة فساد اقتصادي وسياسي يعرقل أي تقدم نحو الاستقرار السياسي.
الموقع شدد على أن الانقسام في ليبيا يستمر كأداة لتحقيق مصالح شخصية على حساب مصلحة الشعب، حيث يبقى الفساد جزءاً لا يتجزأ من أي محاولة لحل الأزمة الليبية، ويبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحطيم هذه الحلقة المفرغة التي تضمن بقاء هذه الأوضاع المأساوية في البلاد.
وفي سياق متصل، كانت تقارير كشفت عن صفقة جديدة بين خليفة حفتر وعبد الحميد الدبيبة بشأن تهريب النفط دون رقابة.
التقارير الصحفية حسبما نشر موقع عربي 21، ذكرت أن عبدالحميد الدبيبة، وخليفة حفتر، عقدا صفقة اقتصادية تتعلق ببيع النفط الليبي بطريقة غير متعارف عليها.
التقارير أكدت عن مصادر ليبية أن إبراهيم الدبيبة، وصدام حفتر، هما المتصدران في هذه الصفقة، على أن تقوم شركة أركنو النفطية بتنفيذ البيع دون رقابة من أجل ضخ سيولة نقدية للحكومة ولحفتر.
موقع “أفريكا إنتليجنس” الاستخباراتي الفرنسي، كشف أن شركة أركنو تغلغلت بقوة في قطاع النفط الليبي، وأن الشركة تضم أشخاصا مقربين من الدبيبة، وعائلة خليفة حفتر.
الموقع أكد أن الشركة المحلية التي تم تأسيسها منذ أقل من عامين تخضع لسيطرة غير مباشرة من قِبل صدام حفتر، وبعض أعضاء مجلس الإدارة يتبعون أيضا معسكر الدبيبة.
الشركة أطلقت أول شحنة في يوليو الماضي إلى الصين، سلّمت شحنة من مليون برميل بقيمة 84 مليون دولار أمريكي بأسعار السوق وقتها.
جريدة “فاينانشيال تايمز” ذكرت في تقرير لها، أن هناك فسادا كبيرا في قطاع النفط الليبي مصدره ممارسات تهريب خام النفط من ليبيا من خلال نظام مقايضة الخام مقابل الوقود.