كشف الكاتب والمحلل السياسي أسامة الشحومي عن تفاصيل مثيرة حول شبكة فساد مالي كبرى في قطاع النفط الليبي، مستنداً إلى تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية بعنوان “تجارة النفط غير المشروعة التي تبقي ليبيا منقسمة”.

وبحسب ما نقله الشحومي عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، فإن التقرير يكشف عن تورط شخصيات وشركات في منظومة فساد تتقاطع فيها السياسة مع الاقتصاد، وعلى رأسها المؤسسة الوطنية للنفط (NOC).

ورغم محاولات بعض الأطراف تلميع صورة مصطفى صنع الله، الرئيس السابق للمؤسسة، إلا أن الوقائع المذكورة في التقرير تشير إلى أن نظام المقايضة الذي تسبب في تهريب كميات ضخمة من الوقود وتبديد مليارات الدولارات، كان من ابتكار صنع الله نفسه في عام 2021، قبل حتى تشكيل حكومة الدبيبة.

وأوضح الشحومي أن صنع الله، الذي كان من المفترض أن يكون شخصية تكنوقراطية محايدة في منصب سيادي حساس، اختار الانخراط في الصراع السياسي والمالي بين حكومة السراج آنذاك ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ليتحول إلى طرف فاعل في هذا الصراع.

ومن أبرز الأدلة التي ساقها الشحومي على ذلك، محاولة صنع الله الشهيرة في سنة 2020 لفتح حساب باسم المؤسسة الوطنية للنفط في مصرف ليبيا الخارجي، بهدف التحكم المباشر في عائدات بيع النفط دون المرور بمصرف ليبيا المركزي، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً واعتُبرت انقلاباً مالياً على المنظومة الاقتصادية الرسمية.

وأشار إلى أن صنع الله اعترف آنذاك بأنه احتفظ فعلاً بإيرادات النفط في حسابات خارج سيطرة المصرف المركزي، مبرراً ذلك بـ”ضمان الشفافية”، بينما كانت النتيجة تعميق الانقسام وزيادة التوتر المؤسسي.

ولفت المحلل السياسي إلى أن هذه الخطوات ترافقت مع شراكات مثيرة للريبة، مثل العلاقة بين المؤسسة وشركة BGN التركية، التي حصلت على نفط خام بقيمة 2.7 مليار دولار في عام 2023 وحده ضمن صفقة المقايضة، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة.

وأضاف الشحومي أن الإعلامي خليل الحاسي كان قد أشار في إحدى حلقاته إلى أن علاقات BGN بالمؤسسة تعود إلى أيام صنع الله، وبوساطة مستشاره محمد بورقيقة، الذي ظهر في صورة شهيرة مع برنارد هنري ليفي، مشيراً إلى أن بورقيقة تم ذكره كذلك بطريقة غير مباشرة في حلقة الحاسي الشهيرة عن مكتب النائب العام.

وسلط الشحومي الضوء أيضاً على شركة أركنو (Arkenu)، التي تأسست في 2023، وأصبحت أول شركة ليبية خاصة تصدر النفط الخام مباشرة، حيث قدّر التقرير الأممي قيمة صادراتها بـ463 مليون دولار.

ونقل عن دبلوماسي غربي قوله: “شركة تأسست في 2023 وتحصل على عقود ضخمة، ويقف خلفها أحد أبرز اللاعبين السياسيين في الشرق – قد لا يكون ذلك غير قانوني صراحة، لكنه بالتأكيد يثير التساؤلات.”

وخلص الشحومي إلى أن مصطفى صنع الله، الذي كان يُفترض أن يكون “رجل دولة تقني ومحايد”، لعب دوراً سياسياً فاعلاً وفتح الباب أمام فساد مالي ممنهج من خلال قراراته – أبرزها نظام المقايضة – التي خلقت بيئة خصبة للتهريب والعبث بعائدات النفط الليبي.

 

Shares: